للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فحملني بين يديه. قال: ثم جيء بأحد ابنَي فاطمة، إما حَسَن وإما حُسَين، فأردفه خلفه، فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.

وقد رواه مسلم وأبو داود والنسائيُّ وابن ماجه (١) من حديث عاصم [الأحول] عن مورِّق به.

وقال الإمام أحمد (٢): [ثنا روح]، ثنا ابن جريج، ثنا جعفر بن خالد بن سَارَة، أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقثم وعبيد الله ابنَي العباس ونحن صبيان نلعب، إذ مر النبيُّ على دابة فقال: "ارفعوا هذا إليَّ". [فحملني أَمامه وقال لقثم: "ارفعوا هذا إليَّ"] فجعله وراءه، وكان عبيد الله أحبَّ إلى عباس من قثم، فما استحى من عمِّه أن حمل قثم وتركه. قال: ثم مسح على رأسي ثلاثًا، وقال كلَّما مسح: "اللهم اخلف جعفرًا في ولده". قال: قلت لعبد الله: ما فعل قثم؟ قال: استُشهد. قال: قلت: الله ورسوله أعلم بالخير، قال: أجل.

ورواه النسائيُّ في "اليوم والليلة" (٣) من حديث ابن جُريج، به.

وهذا كان بعد الفتح؛ فإن العَبَّاس إنما قدم المدينة بعد الفتح.

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٤): ثنا إسماعيل، ثنا حبيب بن الشَّهيد، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: قال عبد الله بن جعفر لابن الزبير: أتذكر إذ تلقَّينا رسول الله أنا وأنت وابن العباس؟ قال: نعم. فحملنا وتركك.

هكذا رأيته في "المسند"، وكأنه غلط في النسخة، فإنه من مسند عبد الله بن جعفر، فصوابه: قال: قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفر: أتذكر إذ تلقَّينا رسول الله أنا وأنت وابن العباس؟ قال: نعم، فحملنا وتركك.

وبهذا اللفظ أخرجه البخاريُّ، ومسلم (٥) من حديث حبيب بن الشَّهيد. وهذا يعدُّ من الأجوبة المسكتة، ويروى أن عبد الله بن عباس أجاب به ابن الزبير أيضًا، وهذه القصة قصة أخرى كانت بعد الفتح، كما قدَّمنا بيانه، والله أعلم.


(١) رواه مسلم رقم (٢٤٢٨) وأبو داود رقم (٢٥٦٦) والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (٤٢٤٦) وابن ماجة رقم (٣٧٧٣).
(٢) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٢٠٥)، وهو حديث حسن.
(٣) رواه النسائي في "السنن الكبرى" رقم (١٠٩٠٥).
(٤) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٢٠٣).
(٥) رواه البخاري رقم (٣٠٨٢) ومسلم رقم (٢٤٢٧) وقد جاء الحديث عند مسلم مقلوبًا، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" في ذلك منبِّهًا: جعل - يعني مسلم - المستفهِم عبد الله بن جعفر، والقائل "فحملنا" عبد الله بن الزبير، والذي في "صحيح البخاري" أصح.