للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذكرى حبيبٍ هَيَّجَتْ لي عَبرةً … سَفُوحًا وأسبابُ البُكاء التَّذَكُّرُ

بلى إنّ فُقدان الحبيبِ بليّةٌ … وكم من كريم يُبتلى ثم يَصْبِرُ

رأيت خيارَ المسلمين تواردوا … شعوبًا وخلفًا بعدهم يتأخرُ

فلا يُبْعِدَنَّ الله قتلى تتابعوا … بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفرُ

وزيد وعبد الله حين تتابعوا … جميعًا وأسباب المنية تخطرُ

غداة مضَوا بالمؤمنين يقودهم … إلى الموت ميمون النقيبة أزهرُ

أغرُّ كضوء البدر من آل هاشم … أبيّ إذا سيم الظلامة مجسرُ

فَطَاعَنَ حتّى مَالَ غير موسّدٍ … بمعترَك فيه القنا مُتَكَسِّرُ

فَصَارَ مع المستشهدين ثَوَابُهُ .... جِنَانٌ وملتفّ الحدائقِ أَخضرُ

وكنا نرى في جعفر مِنْ محمدٍ … وفاءً وأَمرًا حازمًا حين يأمرُ

وما زال في الإسلام من آل هاشمٍ … دعائمُ عزّ لا يُزلْن ومفخرُ

هُمُ جبل الإسلام والناس حولهم … رِضام إلى طود يروق ويقهرُ

بهاليلُ منهم جعفر وابن أمه … عليّ ومنهم أحمد المتخيَّرُ

وحمزة والعبّاس منهم ومنهمُ … عقيل وماء العود من حيث يُعصرُ

بهم تفرجُ اللأواء في كلّ مأزق … عَمَاسٍ إذا ما ضَاقَ بالناس مَصْدَرُ

هُمُ أولياء الله أنزل حكمَه … عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهّرُ

وقال كعب بن مالك رضي الله عنا (١): [من الكامل]

نام العيونُ ودمعُ عينك يهمُلُ … سَحًّا كما وكَفَ الطِّبابُ المُخضِلُ

في ليلة وردت عليَّ هُمُومُهَا … طورًا أَحِنُّ وتارةً أتمَلملُ

واعتادني حُزْنٌ فبِتّ كأنّني … ببناتِ نعشٍ والسِّمَاكُ مُوَكَّلُ

وكأنما بين الجَوانِحِ والحَشَا … ممّا تأوَّبني شِهَابٌ مُدْخَلُ

وَجدًا على النّفر الذين تتابعوا … يومًا بمؤتة أسندوا لم ينقلوا

صلى الإله عليهمُ من فتيةٍ … وسقى عِظَامَهُمُ الغَمَامُ المسبلُ

صبروا بمُؤْتَةَ للإله نفوسهمْ … حَذَرَ الرّدى ومَخَافَةً أن يَنْكُلُوا

فمَضَوا أمام المسلمين كأنّهم … فُنُقُ (٢) عليهن الحديد المرفلُ

إذ يهتدونَ بجعفرٍ ولوائهِ … قُدَّام أولهم فنعم الأوّلُ


(١) الأبيات في "ديوانه" ص (٢٠٥ - ٢٠٦).
(٢) الفنق: الفحول من الإبل، الواحد فنيق.