للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو داود (١): ثنا ابن المثنَّى، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت يحيى بن أيوب يُحَدِّث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمْرَان بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السَّلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك. قال: فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك لرسول الله فقال: "يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جنب؟ " قال: فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إنى سمعت الله يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فضحك نبي الله ولم يقل شيئًا.

ثنا (٢) محمد بن سلمة، [ثنا ابن وهب،] ثنا ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن عِمْرَان بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أنَّ عمرو بن العاص كان على سرية. فذكر الحديث بنحوه، قال: فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم. فذكر نحوه، ولم يذكر التيمم.

قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، وقال فيه: فتيمَّم.

وقال الواقدي (٣): حدثني أفلح بن سعيد بن عبد الرحمن بن رُقَيش (٤)، عن أبي بكر بن حزم قال: كان عمرو بن العاص حين قفلوا، احتلم في ليلة باردة كأشد ما يكون من البرد، فقال لأصحابه: ما ترون؟ قد والله احتلمت، فإن اغتسلت مت. فدعا بماءً فتوضأ، وغسل فرجه وتيمَّم، ثم قام فصلى بهم، - فكان أوَّل من بعث عوف بن مالك بريدًا، قال عوف: فقدمت على رسول الله في السحر وهو يصلي في بيته، فسلمت عليه، فقال رسول الله : "عوف بن مالك؟ " فقلت: عوف بن مالك يا رسول الله. قال: "صاحب الجزور؟ " قلت: نعم. ولم يزد على هذا بعد ذلك شيئًا، ثم قال: "أخبرني" [فأخبرته] بما كان من مسيرنا، وما كان بين أبي عبيدة وعمرو، ومطاوعة أبى عبيدة، فقال رسول الله : "يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح". قال: ثم أخبرته أن عَمرًا صلى بالناس وهو جنب ومعه ماءٌ، لم يزد على أن غسل فرجه وتوضأ. فسكت رسول الله ، فلما قدم عمرو على رسول الله سأله عن صلاته، فأخبره فقال: والذي بعثك بالحق، إنى لو اغتسلت لمت، لم أجد بردًا قط مثله، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾. قال: فضحك رسول الله ، ولم يبلغنا أنَّه قال له شيئًا.


(١) في "سننه" رقم (٣٣٤)، وهو حديث صحيح.
(٢) القائل أبو داود، والحديث في "سننه" رقم (٣٣٥)، وهو حديث صحيح.
(٣) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٤/ ٤٠١).
(٤) في (آ) و (ط): "حدثني أفلح بن سعيد عن ابن عبد الرحمن بن رُقيش" والتصحيح من "دلائل النبوة" و"تقريب التهذيب" لابن حجر العسقلاني.