للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكر هذه القصة بتمامها كما أوردها زياد البكَّائيُّ، عن ابن إسحاق منقطعة. فالله أعلم. على أنه قد روى البيهقي (١) من طريق أبي بلال الأشعري، عن زياد البكَّائيِّ، عن محمد بن إسحاق، عن الزهريِّ، عن عبيد الله، عن ابن عباس قال: جاء العباس بأبي سفيان إلى رسول الله ، قال: فذكر القصة، إلا أنه ذكر أنه أسلم من ليلته قبل أن يصبح بين يدي رسول الله ، وأنه لما قال له رسول الله :"من دخل دار أبي سفيان فهو آمن". قال أبو سفيان: وما تسع داري؟ فقال: "ومن دخل الكعبة فهو آمن". قال: وما تسع الكعبة؟ فقال: "ومن دخل المسجد فهو آمن". قال: وما يسع المسجد؟ فقال: "ومن أغلق عليه بابه فهو آمن". فقال أبو سفيان: هذه واسعة.

وقال البخاريُّ (٢): ثنا عُبيد بن إسماعيل، ثنا أبو أُسامة، عن هشام، عن أبيه قال: لما سار رسول الله عام الفتح فبلغ ذلك قريشًا، خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حِزَام، وبُديل بن وَرْقَاء، يلتمسون الخبر عن رسول الله ، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرَّ الظَّهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ كأنها نيران عرفة! فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو. فقال أبو سفيان: عمرو أقلُّ من ذلك. فرآهم ناس من حرس رسول الله فأدركوهم فأخذوهم، فأتوا بهم رسول الله ، فأسلم أبو سفيان، فلما سار، قال للعباس: "احبس أبا سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين". فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمرُّ مع رسول الله ، تمرُّ كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرَّت كتيبة فقال: يا عباس، من هذه؟ قال: هذه غفار. قال: ما لي ولغفار. ثم مرَّت جهينة فقال مثل ذلك، ثم مرَّت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك، ومرَّت سليم فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها فقال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار، عليهم سعد بن عبادة معه الراية. فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس، حبذا يوم الذِّمار. ثم جاءت كتيبة، وهي أقل الكتائب، فيهم رسول الله وأصحابه، وراية رسول الله مع الزبير بن العوام، فلما مرَّ رسول الله بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ فقال: "ما قال؟ " قال: كذا وكذا. فقال: "كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظمِّ الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة". وأمر رسول الله أن تركز رايته بالحجون. قال عروة: وأخبرني نافع بن جبير بن مطعم، قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوَّام: ههنا أمرك رسول الله أن تركز الراية؟ قال: نعم. قال: وأمر رسول الله خالد بن الوليد أن يدخل مِن أعلى مكة من كَداء، ودخل رسول الله من كُدى قتل من خيل خالد بن الوليد يومئذ رجلان؛ حبيش بن الأشعر، وكُرز بن جابر الفهريُّ.


(١) في "دلائل النبوة" (٥/ ٣١ - ٣٢).
(٢) في "صحيحه" رقم (٤٢٨٠).