للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه مسلم أيضًا (١) من حديث حَمَّاد بن سلمة، ثلاثتهم عن ثابت، عن عبد الله بن رباح الأنصاريِّ نزيل البصرة، عن أبي هريرة به نحوه.

وقال ابن هشام (٢): وحدَّثني - يعني بعض أهل العلم - أن فضالة بن عمير بن الملوَّح، يعني الليثيَّ، أراد قتل النبيِّ وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما دنا منه قال رسول الله : "أفضالة؟ " قال: نعم، فضالة يا رسول الله. قال: "ماذا كنت تحدِّث به نفسك؟ " قال: لا شيء، كنت أذكر الله.

قال: فضحك النبيُّ ثم قال: "استغفر الله". ثم وضع يده على صدره، فسكن قلبه، فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شي أحبَّ إليَّ منه. قال فضالة: فرجعت إلى أهلي، فمررت بامرأة كنت أتحدَّث إليها فقالت: هلمَّ إلى الحديث. فقال: لا. وانبعث فضالة يقول (٣): [من الكامل]

قالت هَلُمَّ إلى الحديث فقلت لا … يأبى عليكِ اللهُ والإسلامُ

أو ما رأيت محمدًا وقبيله … بالفتح يوم تكسَّر الأصنامُ

لرأيتِ دين الله أضحى بيِّنًا … والشِّرك يغشى وجهه الإظلامُ

قال ابن إسحاق (٤): وحدَّثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، قال: خرج صفوان بن أمية يريد جدَّة ليركب منها إلى اليمن، فقال عمير بن وهب: يا نبيَّ الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه، وقد خرج هاربًا منك ليقذف نفسه في البحر، فامِّنه يا رسول الله، صلَّى الله عليك. فقال: "هو آمن". فقال: يا رسول الله، فأعطني آية يعرف بها أمانك. فأعطاه رسول الله عمامته التي دخل فيها مكة، فخرج بها عمير حتى أدركه وهو يريد أن يركب في البحر، فقال: يا صفوان، فداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تهلكها، هذا أمان من رسول الله وقد جئتك به، قال: ويلك! اعزُب عني فلا تكلِّمني. قال: أي صفوان، فداك أبي وأمي، أفضل الناس وأبرُّ الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمك، عِزه عزُّك وشرفه شرفك وملكه ملكك. قال: إني أخافه على نفسي. قال: هو أحلم من ذلك وأكرم. فرجع معه حتى وقف على رسول الله ، فقال صفوان: إن هذا يزعم أنك قد أمَّنتني. قال: "صدق". قال: فاجعلني بالخيار فيه شهرين. قال: "أنت بالخيار أربعة أشهر".

ثم حكى ابن إسحاق (٥)، عن الزهريِّ أن فاختة بنت الوليد امرأة صفوان، وأمَّ حكيم بنت الحارث بن


(١) رواه مسلم رقم (١٧٨٠) (٨٦) من حديث حَمَّاد بن سلمة.
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤١٧).
(٣) الأبيات في "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤١٧) مع بعض الخلاف في ألفاظها.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤١٧).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤١٨) وما بين الحاصرتين مستدرك منها.