للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقتلوهم وأجلوهم إلى جزائر البحار، وكان إبليسُ ممن أُسِرَ، فأخذوه معهم إلى السماء فكانَ هناك، فلما أُمِرَتِ الملائكةُ بالسجود امتنعَ إبليسُ منه.

وقال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة وسعيدُ بن المسيَّب وآخرون: كان إبليسُ رئيسَ الملائكة بالسماء الدنيا (١).

قال ابنُ عبَّاس (٢): وكان اسمه عزازيل. وفي رواية: الحارث، قال النقَّاش: وكنيتُه "أبو كردوس" قال ابن عباس: وكان من حيٍّ من الملائكة يُقال له الجنُّ، وكانوا خُزَّان الجِنانِ، وكان من أشرفهم، ومن أكثرهم علمًا وعبادة، وكان من أولي الأجنحة الأربعة فمسخَه اللَّه شيطانًا رجيمًا.

وقال في سورة ص: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤) قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٧١ - ٨٥].

وقال في سورة الأعراف: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٦ - ١٧] أي: بسبب إغوائك إيَّاي لأقعدنَّ لهم كل مَرْصد ولآتينَّهم من كلِّ جهة منهم، فالسعيدُ من خالفَه والشقيُّ من اتَّبعه.

وقال الإمام أحمد (٣): حدَّثنا هاشم بن القاسم، حدَّثنا أبو عقيل -هو عبدُ اللَّه بن عقيل الثقفيِّ- حدَّثنا موسى بن المسيَّب (٤)، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن سَبْرة بن أبي الفاكه، قال: سمعت رسولَ اللَّه ، قال: "إنَّ الشيطانَ يقعدُ لابن آدمَ بأطرقهِ. . " وذكرَ الحديث كما قدَّمنا (٥) في صفة إبليس.

وقد اختلفَ المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدمَ، أهم جميع الملائكة، كما دلَّ عليه عموم الآيات وهو قول الجمهور، أو المرادُ بهم ملائكةُ الأرض، كما رواه ابنُ جرير (٦): من طريقِ الضَّحاك،


(١) ولا دليل على ذلك.
(٢) تفسير الطبري (١/ ٢).
(٣) في المسند (٣/ ٤٨٣).
(٤) في المسند: موسى بن المثنى، والصحيح ما أثبته، وهو موسى بن المسيَّب الثقفي البزار. وانظر الكاشف؛ للذهبي (٢/ ٣٠٨). وأطراف المسند للحافظ ابن حجر، تحقيق د. زهير الناصر (٢/ ٤٢٥).
(٥) تقدم ذلك ص (١٠٨).
(٦) في تفسيره (١/ ٢٦١ - ٢٦٢).