للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها الملائكة. ورواه البيهقيُّ، عن الحاكم، عن الأصمّ، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق به. وزاد: فقال خَديج بن العوجاء النَّصريُّ - يعني في ذلك -: [من الطويل]

ولما دَنَونا من حُنينٍ ومائه … رأينا سوادًا مُنْكَرَ اللّونِ أَخْصَفا

بملمومةٍ شهباءَ لو قَذَفوا بها … شَمَاريخَ من عَروى إذًا عادَ صَفْصَفَا

ولو أنَّ قومي طاوعتني سَرَاتُهم … إذًا ما لقينا العارضَ المتكشِّفا

إذًا ما لقِينا جندَ آل محمدٍ … ثمانين ألفًا واستَمَدُّوا بخِنْدِفَا

وقد ذكر ابن إسحاق (١) من شعر مالك بن عوف النَّصريِّ رئيس هوازن يوم القتال وهو في حومة الوغى يرتجز ويقول: [من الرجز]

أَقْدِمْ مُحاجُ إنَّه يومٌ نُكُرْ … مثلي على مِثْلكَ يَحمي ويكُرّ

إذا أُضيع الصَّفُّ يومًا والدُّبُرْ … ثم احزألَّت زمرٌ بعد زُمرْ

كتائبٌ يكِلُّ فيهن البَصَر … قد أطعُنُ الطَّعنة تقذي بالسُّبُرْ

حينَ يُذَمُّ المُسْتَكينُ المُنْجَحِرْ … وأطْعُنُ النَّجْلاءَ تَعْوِي وتَهِرّ

لها مِن الجَوْفِ رَشاشٌ مُنْهَمِرْ … تَفْهَقُ تاراتٍ وحينًا تَنْفَجِرْ

وثَعْلَبُ العاملِ فيها مُنْكَسِرْ … يا زينُ يا بنَ هَمْهَمٍ أين تَفِرّ

قد نَفِذ الضِّرْسُ وقد طال العُمُرْ … قد علِم البِيضُ الطَّويلاتُ الخُمُرْ

أنِّيَ في أمثالِها غيرُ غَمِرْ … إذ تَخْرُجُ الحاضِنُ مِن تحتِ السُّتُرْ

وذكر البيهقيُّ (٢) من طريق يونس بن بكيرٍ، عن أبي إسحاق أنه أنشد من شعر مالكٍ أيضًا حين ولَّى أصحابه منهزمين، وذلك قوله بعد ما أسلم، وقيل: هي لغيره: [من البسيط]

اذكُرْ مسيرَهمُ للناسِ كلِّهمُ … ومالكٌ فوقَه الراياتُ تَخْتَفِقُ

ومالكٌ مالكٌ ما فوقَه أحدٌ … يومَ حنينٍ عليه التاجُ يأْتَلِقُ

حتى لقُوا الناسَ حينَ البأْسِ يَقْدُمُهمْ … عليهم البَيْضُ والأبْدانُ والدَّرَقُ

فضارَبوا الناسَ حتى لم يَرَوْا أحَدًا … حولَ النبيِّ وحتى جَنَّه الغَسَقُ

حتى تنَزَّل جبريلٌ بنصرِهمُ … فالقومُ منهزمٌ منا ومُعْتَلِقُ

منا ولو غيرُ جبريل يُقاتِلُنا … لَمَنَّعَتْنا إذًا أسْيافُنا الغُلُقُ

وقد وفَى عمرُ الفاروقُ إذ هزَموا … بطعنةٍ بلَّ منها سَرْجَه العَلَقُ


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٤٧).
(٢) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ١٤٧).