للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد (١): ثنا عَفَّان، ثنا حَمَّادٌ، ثنا ثابتٌ، عن أنس بن مالكٍ أن رسول الله أعطى أبا سفيان وعيينة والأقرع وسهيل بن عمرو في آخرين يوم حنين، فقالت الأنصار: يا رسول الله، سيوفنا تقطر من دمائهم، وهم يذهبون بالمغنم؟ فبلغ ذلك النبيَّ ، فجمعهم في قبَّةٍ له حتى فاضت، فقال: "فيكم أحدٌ من غيركم؟ " قالوا: لا، إلا ابن أُختنا. قال: "ابن أُخت القوم منهم". ثم قال: "أقلتم كذا وكذا؟ " قالوا: نعم. قال: "أنتم الشِّعار والناس الدِّثار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون برسول الله إلى دياركم؟ " قالوا: بلى. قال: "الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعبهم، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار". وقال حمادٌ: أعطى مائةً من الإبل، فسمَّى كلَّ واحدٍ من هؤلاء. تفرَّد به أحمد من هذا الوجه، وهو على شرط مسلمٍ.

وقال الإمام أحمد (٢): حدَّثنا ابن أبي عديٍّ، عن حميد، عن أنس أن رسول الله قال: "يا معشر الأنصار، ألم آتكم ضُلَّالًا فهداكم الله بي؟ ألم آتكم متفرِّقين فجمعكم الله بي؟ ألم آتكم أعداءً فألَّف الله بين قلوبكم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "أفلا تقولون: جِئْتَنا خائفًا فأمَّنَّاك، وطريدًا فآويناك، ومخذولًا فنصرناك؟ " قالوا: بل لله المنُّ علينا ولرسوله. وهذا إسنادٌ ثلاثيٌّ على شرط "الصحيحين"، فهذا الحديث كالمتواتر عن أنس بن مالكٍ، وقد روي عن غيره من الصحابة.

فقال البخاريُّ (٣): ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيبٌ، ثنا عمرو بن يحيى، عن عبّاد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال: لما أفاء الله على رسوله يوم حنين قسم في الناس في المؤلَّفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئًا، فكأنهم وجدوا في أنفسهم، إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: "يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضُلَّالًا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرِّقين فألَّفكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟ " كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنُّ. قال: "لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا، لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعارٌ والناس دثارٌ، إنكم ستلقون بعدي أثرةً، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".

ورواه مسلم (٤) من حديث عمرو بن يحيى المازنيِّ به.

وقال يونس بن بكيرٍ (٥)، عن محمد بن إسحاق، حدَّثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن


(١) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٢٤٦).
(٢) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ١٠٤ و ١٠٥).
(٣) في "صحيحه" رقم (٤٣٣٠).
(٤) في "صحيحه" رقم (١٠٦١).
(٥) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ١٧٦).