للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخرجاه في "الصحيحين" (١) من حديث ابن جريجٍ به.

ورواه مسلم (٢) أيضًا من حديث سفيان بن عُيينة، عن هشام بن حُجيرٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ، عن معاوية به.

ورواه أبو داود، والنسائيُّ (٣) أيضًا من حديث عبد الرزاق، عن معمرٍ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه به.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد (٤): حدَّثني عمرو بن محمدٍ الناقد، ثنا أبو أحمد الزُّبيريُّ، ثنا سفيان، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، عن معاوية قال: قصَّرتُ عن رأس رسول الله عند المروة.

والمقصود أن هذا إنما يتوجَّه أن يكون في عمرة الجِعْرَانة، وذلك أن عُمْرَة الحُديبية لم يدخل إلى مكة فيها، بل صُدَّ عنها كما تقدم بيانه، وأما عمرة القضاء فلم يكن أبو سفيان أسلم، ولم يبق بمكة من أهلها أحدٌ حين دخل رسول الله ، بل خرجوا منها، وتغيَّبوا عنها مدة مقامه بها تلك الثلاثة الأيام، وعمرته التي كانت مع حجته لم يتحلَّل منها بالاتفاق. فتعيَّن أن هذا التقصير الذى تعاطاه معاوية بن أبي سفيان، ، من رأس رسول الله عند المروة إنما كان في عمرة الجعرانة كما قلنا، والله تعالى أعلم.

وقال محمد بن إسحاق (٥)، : ثم خرج رسول الله من الجِعْرَانة معتمرًا، وأمر ببقايا الفيء فحبس بمجنَّةَ بناحية مرِّ الظَّهران.

قلت: الظَّاهر أنه إنما استبقى بعض المغنم ليتألف به من يلقاه من الأعراب فيما بين مكَّة والمدينة.

قال ابن إسحاق (٦): فلمَّا فرغ رسول الله من عمرته انصرف راجعًا إلى المدينة، واستخلف عتَّاب بن أَسيدٍ على مكة، وخلَّف معه معاذ بن جبلٍ يفقِّه الناس في الدين، ويعلِّمهم القرآن.

وذكر عروة، وموسى بن عقبه (٧) أن رسول الله خلَّف معاذًا مع عتَّابٍ بمكة قبل خروجه إلى هوازن، ثم خلَّفهما بها حين رجع إلى المدينة.


(١) رواه البخاري رقم (١٧٣٠) مختصرًا، ومسلم رقم (١٢٤٦) بنحوه.
(٢) رواه مسلم رقم (١٢٤٦) (٢٠٩).
(٣) رواه أبو داود رقم (١٨٠٣) والنسائي رقم (٢٩٨٨).
(٤) وهو في "المسند" (٤/ ٩٧) وانظر "أطراف المسند" (٥/ ٣٤٠)، وهو حديث صحيح.
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٥٠٠).
(٦) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٥٠٠).
(٧) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ٢٠١).