للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي "صحيح مسلم" (١) من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس بن عبادٍ قال: قلت لعمارٍ: أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر عليٍّ؛ أرأيًا رأيتموه، أم شيئًا عهده إليكم رسول الله ؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله شيئًا لم يعهده إلى الناس كافَّةً، ولكن حذيفة أخبرني عن رسول الله أنَّه قال: "في أصحابي اثنا عشر منافقًا، منهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط".

وفي رواية له (٢) من وجهٍ آخر عن قتادة: "إن في أمتي اثني عشر منافقًا، لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمِّ الخياط، ثمانيةٌ منهم تكفيكهم الدُّبَيلة؛ سراجٌ من النار يظهر بين أكتافهم حتى ينجُم من صدورهم".

قال الحافظ البيهقيُّ (٣): وروينا عن حُذَيفة أنَّهم كانوا أربعة عشر، أو خمسة عشر، وأشهد بالله أنَّ اثني عشر منهم حربٌ لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثةً أنَّهم قالوا: ما سمعنا المنادي ولا علمنا بما أراد.

وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٤) قال: حدثنا يزيد -هو ابن هارون- أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جُميعِ، عن أبي الطُّفيل قال: لمَّا أقبل رسول الله من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى: إنَّ رسول الله آخذٌ بالعقبة، فلا يأخذها أحدٌ. فبينما رسول الله يقوده حذيفة ويسوقه عمارٌ، إذ أقبل رهطٌ متلثِّمون على الرَّواحل، فغشُوا عمارًا وهو يسوق برسول الله ، وأقبل عمارٌ يضرب وجوه الرَّواحل، فقال رسول الله لحذيفة: "قُد (٥) قُد". حتى هبط رسول الله ، فلمَّا هبط نزل ورجع عمارٌ، قال: "يا عَمَّار، هل عرفت القوم؟ " قال: قد عرفت عامة الرواحل، والقوم متلثِّمون. قال: "هل تدري ما أرادوا؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال: "أرادوا أن ينفروا برسول الله فيطرحوه". قال: فسارَّ عمارٌ رجلًا من أصحاب النبيِّ فقال: نشدتك بالله، كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ قال: أربعة عشر. فقال: إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر. قال: فعذر رسول الله منهم ثلاثةً قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله ، وما علمنا ما أراد القوم. فقال عمارٌ: أشهد أن الاثني عشر الباقين حربٌ لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.

* * *


(١) رقم (٢٧٧٩) (٩).
(٢) أي: للإمام مسلم وهي عنده رقم (٢٧٧٩) (١٠).
(٣) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ٢٦٢).
(٤) (٥/ ٤٥٣ - ٤٥٤)، وإسناده حسن.
(٥) أي: أسرع.