للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصنٍ، عن جدِّه حميد بن منهبٍ قال: سمعت جدي خُرَيم بن أوس بن حارثة بن لامٍ يقول: هاجرت إلى رسول الله منصرفه من تبوك، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله، إني أريد أن أمتدحك. فقال رسول الله : "لا يفضض الله فاك". فقال: [من المنسرح]

مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي … مُسْتَوْدَعٍ حيث يُخْصَفُ الوَرَقُ

ثم هبَطْتَ البلادَ لا بَشَرٌ … أنت ولا مُضغَةٌ ولا عَلَقُ

بل نُطفةٌ تَرْكَبُ السَّفينَ وقد … ألْجَم نَسْرًا وأهلَه الغَرَقُ

تُنْقَلُ مِن صالبٍ إلى رَحِمٍ … إذا مضَى عالَمٌ بدَا طَبَقُ

حتى احتوى بينَك المهيمنُ مِن … خِنْدِفَ عَلْياءَ تحتَها النُّطُقُ

وأنت لمَّا وُلدْتَ أشْرَقَت الأرْ … ضُ وضاءتْ بنورِك الأُفُقُ

فنحن في ذلك الضياءِ وفي النو … ر وسُبْلِ الرشادِ نَخْتَرِقُ

ورواه البيهقيُّ (١) من طريقٍ أخرى، عن أبي السُّكين زكريا بن يحيى الطائيِّ، وهو في جزءٍ له مرويٍّ عنه.

قال البيهقيُّ: وزاد: ثم قال رسول الله : "هذه الحِيرة البيضاء رُفعت لي، وهذه الشَّيماء بنت بُقيلة الأزدية على بغلةٍ شهباء معتجرةً بخمارٍ أسود". فقلت: يا رسول الله، إن نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما تصف فهي لي؟ قال: "هي لك". قال: ثُمَّ كانت الرِّدَّة، فما ارتد أحدٌ من طيءٍ، وكنا نقاتل من يلينا من العرب على الإسلام، فكنا نقاتل قيسًا وفيها عيينة بن حصنٍ، وكنا نقاتل بني أسدٍ وفيهم طليحة بن خويلدٍ، وكان خالد بن الوليد يمدحنا، وكان فيما قال فينا: [من الطويل]

جزَى الله عَنَّا طيِّئًا في ديارِها … بمُعْتَرَكِ الأبطالِ خيرَ جزاءِ

همُ أهلُ راياتِ السَّماحةِ والنَّدَى … إذا ما الصَّبَا أَلْوَتْ بكلِّ خِباءِ

همُ ضرَبوا قَيْسًا على الدِّينِ بعدَما … أجابوا مُنادي ظلمةٍ وعَماءِ

قال: ثم سار خالد إلى مُسَيْلِمَة الكَذَّاب فسرنا معه، فلما فرغنا من مسيلمة أقبلنا إلى ناحية البصرة، فلقينا هرمز بكاظمةَ في جيشٍ هو أكبر من جمعنا، ولم يكن أحدٌ من الناس أعدى للعرب والإسلام من هرمز، فخرج إليه خالدٌ ودعاه إلى البِراز، فبرز له فقتله خالدٌ، وكتب بخبره إلى الصديق، فنفَّله سلبه، فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم، وكانت الفرس إذا شَرُف فيها الرجل جعلت قلنسوته بمئة ألف درهمٍ. قال: ثم أقبلنا على طريق الطَّفِّ إلى الحيرة، فأول من تلقَّانا حين دخلناها الشَّيماء بنت بقيلة، كما قال رسول الله : "على بغلةٍ شهباء معتجرةً بخمارٍ أسود". فتعلَّقت بها وقلت: هذه وهبها لي


(١) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ٢٦٨).