للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العَقَدي، حدّثنا قُرَّة، عن أبي جمرة (١)، قال: قلت لابن عباس: إن لي جَرَّةً يُنْتَبَذُ لي فيها [نبيذ] (٢) فأشربه حلوًا في جَرٍّ، إن أكثرت منه فجالست القوم فأطلت الجلوس خشيت أن أفتضح. فقال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله فقال: "مرحبًا بالقوم غير خزايا ولا الندامى" فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبينك المشركين من مُضَر، وإنا لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام (٣)، فحَدِّثْنا بجُمَل (٤) من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة، وندعو به من وراءنا. قال: "آمُرُكم بأربعٍ، وأَنْهاكم عن أربعٍ: الإيمانُ بالله، هل تدرون ما الإيمانُ بالله؟ شهادةُ أن لا إله إلا الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضانَ، وأن تُعْطوا من المَغانِمِ الخُمُسَ، وأنهاكُمْ عن أربعٍ، ما يُنْتَبَذُ في الدُّبَّاء والنَّقير والحَنْتَم والمُزَفَّت" (٥).

وهكذا رواه مسلم (٦) من حديث قُرّة بن خالدٍ، عن أبي جَمْرة به، وله طرقٌ في الصحيحين عن أبي جمرة (٧).

وقال أبو داود الطيالسي (٨) في "مسنده": حدّثنا شعبة عن أبي جَمرَة، سمعت ابن عباس يقول: إنّ وفدَ عبد القيس لما قدم على رسول الله قال: "ممن القوم؟ " قالوا: من ربيعة. قال: "مَرْحبًا بالوَفْدِ غير الخَزايا ولا النَّدامى". فقالوا: يا رسول الله: إنّا حيٌّ من ربيعة، وإنّا نأتيك من شُقَّة بعيدةٍ، وإنّه يحولُ بيننا وبينَكَ هذا الحيّ من كُفّار مُضَرَ، وإنا لا نَصل إليك إلا في شهر حرام، فمُرْنا بأمرٍ فَصْلٍ ندعو إليه مَنْ وَراءنَا، وندخلُ به الجنة. فقال رسول الله : "آمركم بأربعٍ، وأنهاكم عن أربعٍ: آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تُعْطوا من المغانم الخُمُسَ. وأنهاكم عن أربع: عن الدُّباء والحَنْتَم والنَّقير والمُزَفَّت -وربما قال والمُقَيَّر- فاحفظوهن، وادعوا إليهن من وراءكم" (٩).


(١) في أ، ط: (حمرة) وهو تحريف انظر تهذيب الكمال (٢٩/ ٣٦٢).
(٢) الزيادة من البخاري.
(٣) في البخاري: "في أشهر الحرم".
(٤) في المطبوعة: (بجميل) تحريف.
(٥) الدباء: القرع واحدها دباءة، كانوا ينتبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب (النهاية: دبب).
النقير: أصل النخلة ينقر في وسطه ثم ينتبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذًا مسكرًا (النهاية: نقر).
الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة (النهاية: حنتم).
المزفت: الإناء الذي طلي بالزفت، وهو نوع من القار، ثم انتبذ فيه (النهاية: زَفْت).
(٦) صحيح مسلم رقم ١٧ باب الأمر بالإيمان بالله تعالى.
(٧) في المطبوعة: (حمزة) تحريف انظر تهذيب الكمال (٢٩/ ٣٦٢).
(٨) مسند الطيالسي (٢٧٤٧) برواية (غير خزايا ولا ندامى).
(٩) قال بشار: النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية قد نسخ، فقد ثبتت الرخصة في الانتباذ في كل وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر (ينظر كتاب الأشربة في صحيح البخاري، باب ترخيص النبي في الأوعية والظروف بعد النهي). انظر البخاري رقم (٥٥٩٢ - ٥٥٩٥) وشرحه في فتح البخاري.