للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَعْدَمَ من رَبٍّ يَضْحَكُ خيرًا "وعلم يوم الساعة". قلت (١): يا رسول الله عَلِّمْنا مما لا يَعْلَم (٢) الناسُ ومما تَعْلَم، فإنا من قَبيلٍ لا يُصَدِّقون تَصْديقنا أحدٌ، من مَذْحِج التي تربو علينا، وخَثْعَم التي توالينا وعشيرتنا التي نحن منها (٣). قال: "تَلْبَثونَ ما لَبِثْتُم ثُمَّ يُتَوفَّى نَبيُّكُمُ ثم تَلْبَثُون ما لَبثْتُم ثم تُبْعَثُ الصّائِحَةُ، لعمرُ إلهكَ ما تدعُ على ظَهْرها من شيءٍ إلا مات، والملائكةُ الذين مع ربِّك ﷿، فأصبحَ ربُّكَ ﷿ يَطوف (٤) بالأرض وقد خَلَتْ عليه البلادِ، فأرسلَ ربُّك السماءَ تَهْضِبُ (٥) من عِنْدِ العَرْشِ، فَلَعَمْرُ إلهكَ ما تَدَعُ على ظَهْرِها من مَصْرعِ قَتيلٍ، ولا مَدْفَن مَيِّتٍ إلا شَقَّتِ القَبْرَ عنه حتى تَخْلُقَه (٦) من عند رأسه، فَيَسْتوي جالسًا، فيقول ربُّك ﷿: مَهْيَم (٧) -لما كان فيه- فيقول: يا ربّ أمسِ اليومَ، فلِعَهْدهِ بالحياة يحسبه (٨) حديثًا بأهله. قلت: يا رسول الله كيف يجمعُنا بعد ما تُفَرِّقُنا الرّياحُ والبِلَى والسِّباع. فقال: أنبِّئك بمثل ذلك في آلاء الله الأرضُ أشرفتَ عليها، وهي مَدَرة (٩) بالية. فقلت: لا تجيء أبدًا (١٠)، ثم أرسل ربُّكَ عليها السماءَ فلم تَلْبَثْ عليكَ إلّا أيامًا حتى أشرفت عليها وهي شرية (١١) واحدة فلعمرُ إلهكَ لهوَ أقدرُ على أن يجمعَكم من الماء على أن يجمعَ نباتَ الأرضِ فتُخْرَجون من الأصواء (١٢) ومن مصارعكم فَتَنظرُون إليه وينظُرُ إليكم. قال: قلت: يا رسولَ الله، وكيف ونحن ملءُ الأرض وهو ﷿ شخصٌ واحدٌ (١٣) ينظر إلينا وننظرُ إليه، فقال أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله الشمسُ والقمرُ آية منه صغيرةُ تَرَوْنَهما ويَرَيانِكم ساعةً واحدة، لا تُضارُّون في رُؤْيتهما، ولعمرُ إلهك لهوَ أقدرُ على أن يراكم وَتَرَوْنَهُ من أن تَرَوْنَهما ويَرَيانكم لا تُضارّون في رؤيتهما. قلتُ: يا رسول الله فما يفعلُ بنا ربُّنا إذا لقيناه؟ قال: تُعْرَضون عليه باديةً له صحائفكم، لا يَخْفى عليه منكم خافيةٌ فيأخذُ ربُّكَ ﷿، بيده غُرْفَة من


(١) أ، ط: (قلنا) وما هنا عن المسند.
(٢) في المسند (علمنا مما تُعلِّم الناسَ وما تعلمُ).
(٣) في أ: "معها".
(٤) في مسند الإمام أحمد "يطيف".
(٥) الهضب: المطر (النهاية: هضب).
(٦) في مسند الإمام أحمد "تجعله" وفي أ: (تخلفه).
(٧) مَهْيَم: ما أمركم وشأنكم، وهي كلمة يمانية (النهاية: مهيم).
(٨) ط: (يتحسبه).
(٩) المدر: قطع الطين اليابس واحدتها مدرة (اللسان: مدر).
(١٠) في مسند أحمد: لا تحيا أبدًا.
(١١) شرية: حنظلة خضراء وقال ابن الأثير: هكذا رواه بعضهم وأراد أن الأرض اخضرت بالنبات فكأنها حنظلة واحدة. والرواية شربة بالباء الموحدة (النهاية: شرا).
(١٢) الأصواب: قال ابن الأثير: قال القتيبي: يعني بالأصواء القبور وأصلها الأعلام شبه القبور بها (اللسان: صوى).
(١٣) قد جاء في صحيح مسلم رقم (١٤٩٩) وفي البخاري ترجمة رقم (٧٤١٦) وليس المراد منه تشبيهه سبحانه بالأشخاص.