للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد: سلامٌ عليكَ، فإنِّي أحمدُ إليكَ اللهَ الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإنّ كتابَك جاءني مع رسولك، تخبرُ أنَّ بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دَعَوْتَهم إليه من الإِسلام، وشَهِدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله (١) ورسوله، وأنْ قد هداهم اللهُ بهُداه، فبشّرهم وأنْذِرْهُم وأَقْبِل، وليُقْبل معكَ وَفْدُهم. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته".

فأقبل خالدٌ إلى رسول الله ، وأقبل معه وفدُ بني الحارث بن كعب، منهم قَيْسُ بن الحُصَيْن ذي الغصَّة (٢) ويزيد بن عبد المَدَان (٣)، ويزيد بن المُحَجّل (٤)، وعبد الله بن قُرَاد (٥) الزّيادي، وشَدّاد بن عبيد الله القَنَاني (٦)، وعمرو بن عبد الله الضِّبابي (٧)، فلما قدموا على رسول الله ورآهم؛ قال: "مَنْ هؤلاء القومُ الذين كأنَّهم رجالُ الهند؟ " قيل: يا رسولَ الله، هؤلاء بنو الحارث بن كعب. فلما وقفوا على رسول الله سَلّموا عليه، وقالوا: نَشْهَدُ (٨) أنَّكَ رسولُ الله وأنَّه لا إله إلا الله. فقال رسول الله : "وأنا أشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وأنّي رسولُ الله". ثم قال: "أنتم الذين إذا زُجروا استَقْدَموا" فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثانية، ثم الثالثة، فلم يُراجِعْهُ منهم أحد، ثم أعادها الرابعةَ. قال يزيد بن عبد المَدان: نعم يا رسول الله، نحنُ الذين إذا زُجِروا اسْتَقْدَموا، قالها أربعَ مراتٍ. فقال رسول الله : "لو أنَّ خالدًا لم يكتب إليَّ أنكم أسلمتم ولم تُقاتلوا لألقيتُ رؤوسَكم تحت أقدامكم". فقال يزيد بن عبد المَدان: أما والله ما حَمِدْناكَ ولا حَمِدْنا خالدًا. قال: "فمن حَمِدتُم (٩)؟ " قالوا: حمدنا الله الذي هدانا بكَ يا رسولَ الله، فقال رسول الله : "صَدَقْتُم". ثم قال: "بِمَ كُنْتُمْ تَغْلِبون منْ قاتَلَكُم في الجاهلية؟ " قالوا: لم نَكُ نَغْلِبُ أحدًا. قال: "بلى، قد كُنْتُم تَغْلِبون من قاتَلَكُم". قالوا: كنا نَغْلِبُ من قاتَلَنا يا رسولَ الله، أنّا كُنّا نَجْتَمِعُ ولا نَتَفَرَّق، ولا نَبْدَأ أحدًا بظُلْمٍ. قال: "صَدَقْتُمْ". ثم أمَّر عليهم قَيْسَ بن الحُصَيْن.


(١) ط: (عبده).
(٢) الإصابة (٣/ ٢٤٤)، وهي في ط (ذو الغصة) وهي صفة للحصين. انظر شرح السيرة لأبي ذر.
(٣) الإصابة (٣/ ٦٦٠) ووقعت في ط: (يزيد بن المدَان) صححه عن الإصابة.
(٤) الإصابة (٣/ ٦٦٢).
(٥) في الإصابة (٢/ ٣٥٨) "عبد الله بن قُداد ويقال قُراد".
(٦) الإصابة (٢/ ١٤١) وفيه "شداد بن عبد الله القتباني ويقال القناني بفتح القاف وتخفيف النون وهو الصواب" ووقعت في ط: (عبيد) صححتها عن الإصابة.
(٧) الإصابة (٣/ ٤).
(٨) ليس اللفظ في ط.
(٩) ط: (وجدتم) تحريف.