للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأيمن، وسَلَت الدمَ عنها، وقلَّدها نَعْلَيْن، ثم دعا براحِلَتِهِ، فلما اسْتَوَتْ على البَيْداء أهَلَّ بالحَجّ.

ورواه أيضًا (١)، عن هُشَيْم، أنبأنا أصحابنا، منهم شُعبة، فذكر نحوه. ثم رواه أحمد (٢) أيضًا عن رَوْح وأبي داود الطيالسي، ووكيع بن الجَرَّاح، كلُّهم عن هشام الدَّستُوائي، عن قتادة به نحوه. ومن هذا الوجه رواه مسلم في "صحيحه" وأهل السنن في كتبهم (٣).

فهذه الطرق عن ابن عباس، من أنه أهلَّ حين استوت به راحلته أصحَّ وأثبتُ من رواية خُصَيْف الجَزَري، عن سعيد بن جبير عنه. والله أعلم.

وهكذا الرواية المثبتة المفسرة أنَّه أهلَّ حينَ اسْتَوَتْ به الراحلةُ مقدَّمة على الأخرى، لاحتمال أنَّه أحرم من عند المسجد حين استوَتْ به راحلتُه، وتكونُ روايةُ رُكُوبهِ الراحلةَ فيها زيادةُ عِلْم على الأخرى، والله أعلم.

ورواية أنس في ذلك سالمةٌ عن المُعارض، وهكذا رواية جابر بن عبد الله في "صحيح مسلم" (٤) من طريقِ جَعْفر الصّادق، عن أبيه، [محمد بن علي] أبي (٥) الحسين زين العابدين، عن جابر في حديثه الطويل الذي سيأتي، أن رسول الله أهل حينَ اسْتَوَتْ به راحلتُه سالمة عن المُعارض. والله أعلم.

وروى البخاري (٦) من طريق الأوْزاعي، سمعتُ عطاءً، عن جابرِ بن عَبْد الله: أنَّ إهلالَ رسولِ الله من ذي الحُلَيفة حين اسْتَوَتْ به راحلتهُ.

فأما الحديثُ الذي رواه محمد بن إسحاق بن يسار، عن أبي الزِّناد، عن عائشة بنتَ سعد، قالت: قال سعد: كان رسولُ الله إذا أخذَ طريق الفُرع (٧) أهل إذا استَقَلّتْ به راحلتُه، وإذا أخذَ طريق أُحد (٨) أهلَّ إذا علا على شَرَفِ البَيْداء. فرواه أبو داود والبيهقي (٩) من حديث ابن إسحاق، وفيه غَرابةٌ ونكارةٌ،


(١) مسند الإمام أحمد (١/ ٢١٦).
(٢) مسند الإمام أحمد (١/ ٣٤٤، ٣٧٢).
(٣) صحيح مسلم رقم (١٢٤٣) في الحج باب تقليد الهدي وسنن الترمذي رقم (٩٠٦) في الحج باب ما جاء في إشعار البدن وسنن أبي داود رقم (١٧٥٢) في المناسك باب الإشعار والنسائي (٥/ ١٧٠)، ١٧٢ في الحج باب أي الشقين يشعر وسنن ابن ماجه رقم (٣٠٩٧) في المناسك باب إشعار البدن.
(٤) رقم (١٢١٨).
(٥) ط: (عن أبي الحسين) ولفظ عن زائدة.
(٦) صحيح البخاري (١٥١٥) في الحج باب قول الله تعالى "يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر".
(٧) الفُرْع: قرية من نواحي المدينة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة (معجم البلدان).
(٨) في الأصول: طريقًا أخرى.
(٩) سنن أبي داود رقم (١٧٧٥) كتاب المناسك باب في وقت الإحرام، وسنن البيهقي (٥/ ٣٨ - ٣٩) كتاب الحج باب من قال: يهل إذا انبعثت راحلته.