للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بات النبي بذي طُوىً حتَّى أصبح، ثم دخلَ مكةَ، وكان ابنُ عمر يفعلُه. ورواه مسلم (١) من حديث يحيى بن سعيد القَطّان به. وزاد: حتّى صلَّى الصبح، أو قال: حتى أصبح.

وقال مسلم (٢): حدّثنا أبو الربيع الزهراني، حدّثنا حَمّاد، عن أيوب، عن نافع، أنَّ (٣) ابن عمر كان لا يَقْدَمُ مكةَ إلا باتَ بذي طوىً حتى يُصْبحَ ويغتسل، ثم يدخُلُ مكةَ نهارًا، ويذكر عن النبي أنه فعله. ورواه البخاري (٤) من حديث حمّاد بن زيد، عن أيوب به.

ولهما (٥) من طريق أخرى عن أيوب، عن نافع، أنَّ (٣) ابن عمر كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التَّلْبية، ثم يبيتُ بذي طُوى … وذكره. وتقدَّمَ آنفًا ما أخرجاه من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله كان يبيتُ بذي طُوىً حتى يصبح، فيصلّي الصبح حين يَقْدمُ مكةَ، ومُصلَّى رسول الله عند أكَمَةٍ غليظةٍ، وأنَّ رسول الله استقبلَ فُرْضَتي الجبل الذي بينه وبينَ الجبل الطويل نحوَ الكعبة، فجعل المسجدَ الذي بنُي ثَمَّ يسارَ المسجد بطَرفِ الأكَمَة ومُصَلّى رسول الله أسفل منه على الأكَمَة السوداء يدع من الأكمة عشرةَ أذرعٍ أو نحوَها، ثم يصلي مستقبلَ الفرضتين من الجبل الذي بينك وبين الكعبة. أخرجاه في "الصحيحين".

وحاصلُ هذا كلِّه أنّه عليه الصلاة (٦) والسلام لما انتهى في مَسيره إلى ذي طُوًى، وهو قريب من مكة متاخمٌ للحرم، أمسك عن التلبية، لأنه قد وصل إلى المقصود، وبات بذلك المكان حتى أصبح، فصلَّى هُنالك الصُّبْحَ في المكان الذي وَصَفوه بين فُرْضَتَي الجَبل الطَّويل هنالك.

ومن تأَمَّلَ هذه الأماكنَ المُشارَ إليها بعينِ البَصيرة عرفَها معرفةً جيدةً، وتعيَّن له المكانُ الذي صلَّى فيه رسول الله ، ثم اغتسل صلوات الله وسلامه عليه، لأجل دخول مكة ثم ركب ودخلَها نهارًا جهرةً علانيةً من الثنيّة العُليا التي بالبَطْحاء (٧) - ويقال كَداءُ (٨) - ليراهُ الناسُ ويشرف عليهم، وكذلك دخلَ منها يوم الفَتْحِ، كما ذكرناه.


(١) رواه مسلم (١٢٥٩) (٢٢٦).
(٢) رواه مسلم (١٢٥٩) (٢٢٧).
(٣) ط: (عن ابن عمر).
(٤) رواه البخاري تعليقًا (١٧٦٩).
(٥) رواه البخاري (١٥٧٣) ومسلم فيما ذكره المزي في التحفة.
(٦) اللفظ زيادة عن أ وحدها.
(٧) بطحاء مكة هي ما حاز السيل من الردم إلى الحَنَّاطين يمينًا مع البيت وليس الصفا من البطحاء (معجم ما استعجم ١/ ٢٥٧).
(٨) ط: (كذا) تحريف. وكَداء - بالفتح والمد -: الثَّنيّة العليا بمكة مما يلي المقابر وهو المَعلا (النهاية: كذا).