للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الصمد بن عبد الوارث، به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يُخرِّجاه.

وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه (١).

فهذه علة قادحة في الحديث أنه روي موقوفًا على الصحابي وهذا أشبه (٢)، والظاهر أنه تلقاه من الإسرائيليات، وهكذا رُوي موقوفًا على ابن عباس. والظاهر أن هذا مُتلقَّى عن كعب الأحبار ودوّنه، واللَّه أعلم. وقد فسَّر الحسنُ البصريُّ هذه الآيات بخلاف هذا، فلو كان عنده عن سَمُرة مرفوعًا لما عدلَ عنه إلى غيره، واللَّه أعلم. وأيضًا فاللَّه تعالى إنما خلقَ آدم و حوَّاء ليكونا أصلَ البشر، وليبثَّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، فكيف كانت حوَّاء لا يعيشُ لها ولد كما ذُكرَ في هذا الحديث إن كان محفوظًا؟! والمظنون بل المقطوع به أن رفعَه إلى النبي خطأ، والصوابُ وقفه، واللَّه أعلم. وقد حرَّرنا هذا في كتابنا التفسير (٣) وللَّه الحمد.

ثم قد كان آدم وحواء أتقى للَّه مما ذكر عنهما في هذا، فإنَّ آدمَ أبو البشر الذي خلقَه اللَّه بيده ونفخَ فيه من روحه، وأسجدَ له ملائكته، وعلَّمه أسماءَ كلِّ شيءٍ، وأسكنَه جنَّته.

وقد روى ابنُ حبَّان في صحيحه: عن أبي ذر، قال: قلت يا رسول اللَّه! كم الأنبياء؟ قال: "مئة ألف وأربعة وعشرون ألفًا". قلت: يا رسول اللَّه! كم الرسل منهم؟ قال: "ثلاثمئة وثلاثة عشر جمٌّ غفير". قلت: يا رسول اللَّه! من كان أوَّلهم؟ قال: آدم. قلت: يا رسول اللَّه! نبي مرسل؟ قال: "نعم، خلقه اللَّه بيده، ثم نفخَ فيه من رُوحه، ثم سوَّاه قُبُلًا" (٤).

وقال الطبراني (٥): حدَّثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، حدَّثنا شيبان بن فَرُّوخ، حدَّثنا نافع أبو هرمز، عن عطاء بن أبي رَباح، عن ابن عبَّاس، قال: قال رسول اللَّه : "ألا أخبركم بأفضلِ الملائكةِ جبريل، وأفضل النبييّن آدم، وأفضل الأيام يوم الجمعة، وأفضل الشهور شهر رمضان، وأفضل اللَّيالي ليلة القدر، وأفضلُ النِّساء مريمُ بنت عمران" (٦). وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، فإنَّ نافعًا أبا هرمز


(١) انظر جامع الترمذي (٥/ ٢٦٨).
(٢) وهذا هو الصواب، فالموقوف علة للمرفوع، وليس كما شاع عند المتأخرين، واقتصار الترمذي على تحسينه يعني أنه عنده معلول، وهو معلول هنا بالوقف، وهذا من عمر بن إبراهيم فإنه ضعيف في قتادة خاصة مع صدقه عمومًا. ثم إن الحسن لم يسمع كل ما رواه عن سمرة كما قرره الإمام الذهبي.
(٣) انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٣٤٥).
(٤) رواه ابن حبان (٣٦١) وأحمد في المسند (٥/ ١٧٨) من حديث أبي ذر، وأحمد في المسند (٥/ ٢٦٦) من حديث أبي أمامة، وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.
(٥) في الكبير (١١٣٦١).
(٦) أخرجه الطبراني في الكبير (١١٣٦١) وقال الهيثمي في المجمع (٣/ ١٤٠) فيه نافع أبو هرمز، وهو ضعيف وقال أيضًا (٨/ ١٩٨): فيه نافع أبو هرمز؟؛ وهو متروك.