للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباس: هو عليّ. فكانت عائشة زوج النَّبِيّ تُحَدِّثُ أنَّ رسولَ اللَّه لما دخلَ بيتي واشْتَدَّ به وَجَعُه، قال: هَريقوا عَلَيَّ من سبع قِرَب لم تُحللْ أوْكيتُهن، لَعَلِّي أعْهَدُ إلى الناسِ، فأَجْلَسنَاهُ في مِخْضبٍ لحفصة زوجِ النَّبِيّ ، ثم طَفِقْنا نصبُّ عليه من تِلكَ القِرَبِ حتى طَفِقَ يُشير إلينا بيده أن قد فَعَلْتُنَّ. قالت عائشة: ثم خرجَ إلى النَّاسِ فَصَلَّى لهم وخَطَبَهُم. وقد رواهُ البخاري (١) أيضًا في مواضعَ أُخَرَ من "صحيحه" ومسلم (٢) من طرقٍ عن الزهري به.

وقال البخاريّ (٣): حدَّثنا إسماعيل، ثنا سُلَيْمان بن بلالٍ، قال هشام بن عُرْوة، أخبرني أبي، عن عائشة. أنَّ رسولَ اللَّه كان يَسألُ في مرضه الذي مات فيهِ: أيْنَ أنا غدًا؟ أين أنا غدًا؟ يريد يومَ عائشة، فأذِن له أزواجُه أنْ يكونَ حَيْثُ شاءَ، فكان في بيتِ عائشةَ حتى مات عندها. قالت عائشة : فَماتَ في اليومِ الذي كانَ يَدورُ عليَّ فيه في بيتي، وقَبَضهُ اللَّه، وإن رأسه لبين سَحري (٤) ونَحْري، وخالط ريقُه ريقي. قالت: وَدَخَل عبد الرحمن بنُ أبي بكرٍ، ومعه سواكٌ يَسْتنُّ به، فنظَر إليه رسولُ اللَّهِ ، فقلت له: أعْطِني هذا السِّواكَ يا عبد الرحمن، فأعطانيه فقَضِمْتُهُ، ثم مَضَغْتُهُ فأعطيته رسول اللَّه ، فاسْتَنّ به، وهو مسندٌ إلى صدري. انفردَ به البخاريّ من هذا الوجه.

وقال البخاري (٥): أخبرنا عبد اللَّه بن يوسف، ثنا الليث، حدّثني ابن الهاد، عن عبد الرحمن بن الفاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: مات النبيُّ وأنه لبينَ حاقنتي وذاقنتي (٦)، فلا أكْرَهُ شِدَّةَ المَوْتِ لأحدٍ أبدًا بعد النبيِّ .

وقال البخاريّ (٧): حدَّثنا حبان (٨)، أخبرنا عبد اللَّه، أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة: أنَّ عائشةَ أخْبَرتْه: أنَّ رسولَ اللَّه كان إذا اشتكى نَفَثَ على نَفْسه بالمُعَوِّذاتِ، ومَسَحَ عنه بيده، فلما اشْتَكَى وَجَعه الذي تُوُفِّي فيه طَفِقْتُ أنْفُثُ عليه بالمُعَوِّذات التي كان يَنْفُثُ، وأمْسَحُ بيدِ


(١) البخاري ١٩٨، ٦٦٥، ٢٥٨٨.
(٢) مسلم (٤١٨).
(٣) البخاري (٤٤٥٠).
(٤) السَّحْر: الرئة، أي أنه مات، وهو مستند إلى صدرها وما يحاذي سَحْرَها منه (النهاية: سحر).
(٥) البخاري (٤٤٤٦).
(٦) قال ابن الأثير في شرح هذا الحديث، "الحاقنة": الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق. والذاقنة: الذقن، وقيل طرف الحلقوم وقيل ما يناله الذقن من الصدر (النهاية: حقن - ذقن).
(٧) البخاري (٤٤٣٩).
(٨) ط: (حيان) تحريف. وهو حبان بن موسى بن سوار السلمي أبو محمد المروزي الكُشْميهني. روى عنه البخاري ومسلم. توفي سنة ٢٣٣ هـ (تهذيب التهذيب ٢/ ١٧٤ - ١٧٥).