للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَكَى حتى تَخْتَلِفَ أضْلاعُه. وهذا لا يُعَدّ نياحَةً، بل هو من بابِ ذِكْرِ فَضائِلِهِ الحَق عليه أفضل الصلاة والسلام، وإنّما قلنا هذا؛ لأنّ رسولَ اللَّه نهى عن النياحة.

وقد روى الإمام أحمد (١) والنسائي (٢) من حديث شعبة، سمعتُ قَتادَة، سمعتُ مُطَرّفًا يُحَدّثُ، عن حكيم بن قيس بن عاصم، عن أبيه -فيما أوصى به إلى بَنيه- أنه قال: ولا تَنوحوا عليَّ؛ فإنّ رسولَ اللَّه لم يُنَحْ عليه. وقد رواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في "النوادر"، عن عمرو بن مرزوق (٣)، عن شعبة به. ثم رواه (٤) عن علي بن المَديني، عن المُغيرة بن سَلَمَة، عن الصَّعْقِ بن حَزْنٍ، عن القاسمِ بن مُطَيَّبٍ، عن الحسن البَصْري، عن قيس بن عاصم به، قال: لا تَنوحوا عليّ، فإنّ رسول اللَّه لم يُنحْ عليه، وقد سَمِعْتُه يَنْهَى عن النّياحةِ. ثم رواه عن عليّ، عن محمد بن الفضل، عن الصَّعْقِ، عن القاسم، عن يونس بن عُبَيْدٍ، عن الحسن، عن عاصم به.

وقال الحافظ أبو بكر البزار (٥): ثنا عقبة بن سنانٍ، ثنا عثمان بن عثمان، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ اللَّه لم يُنَحْ عليه. وقال الإمام أحمد (٦): ثنا عَفّان، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا ثابت، عن أنس، قال: لمّا كان اليومُ الذي قدِم فيه رسولُ اللَّه المدينةَ، أضاءَ منها كلُّ شيءٍ، فلمّا كانَ اليومُ الذي مات فيه أظْلَم منها كلُّ شيء. قال: وما نَفَضْنا عن رسول اللَّه الأيْدي حتى أنْكَرْنا قلوبنا. وهكذا رواه الترمذي (٧) وابنُ ماجه (٨) جميعًا، عن بشر بن هلالٍ الصَّوّاف، عن جعفر بن سليمان الضُّبَعي به. وقال الترمذيّ: هذا حديث صحيح غريبٌ.

قُلْتُ: وإسنادُه على شرط "الصحيحين"، ومحفوظ من حديث جعفر بن سليمان، وقد أخرج له الجماعة رواه الناس عنه كذلك.

وقد أغرب الكُدَيْمي، وهو محمد بن يونس، ، في روايته له حيث. قال (٩): ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، ثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعي، عن ثابت، عن أنس، قال: لما قُبِضَ رسولُ اللَّه أظْلَمتِ المدينةُ حتى لم يَنْظُر بَعضُنا إلى بعض، وكان أحدُنا يَبْسُط يدَه فلا يراها، أو


(١) مسند الإمام أحمد (٥/ ٦١).
(٢) النسائي (١٨٥٠)، وهو حديث صحيح.
(٣) أ: (مرون) ط: (ميمون) وانظر تهذيب التهذيب (٨/ ٩٩ - ١٠١).
(٤) الأدب المفرد للبخاري (٣٦١) من طريق عمرو بن مرزوق، و (٩٥٣) عن علي بن المديني، وهو حديث حسن.
(٥) (كشف الأستار - ٧٩٦).
(٦) مسند الإمام أحمد (٣/ ٢٦٨).
(٧) الترمذي (٣٦١٨).
(٨) ابن ماجه (١٦٣١).
(٩) دلائل النبوة (٧/ ٢٦٥).