للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعفر بن (١) محمد عن أبيه: أنَّ رجالًا من قريش دخلوا على أبيه علي بن الحسين، فقال: ألا أحدثكم عن رسول اللَّه ؟ قالوا: بلى. فحدثنا عن أبي القاسم. قال: لما أنْ مرضَ رسول اللَّه أتاه جبريل، فقال: يا محمد، إن اللَّه أرْسَلني إليك، تكريمًا لك وتشريفًا لك، وخاصة لك، أسألك عمَّا هو أعلمُ به منك، يقول: كيفَ تَجِدُك؟ قال:، أجِدُني يا جبريلُ مَغْمومًا، وأجدُني يا جبريلُ مَكْروبًا" ثم جاءه اليومَ الثاني، فقال له ذلك، فردَّ عليه النبيُّ كما رَدَّ أولَ يومٍ، ثم جاء (٢) اليومَ الثالثَ، فقال له كما قال أولَ يومٍ، وردَّ عليه كما ردَّ، وجاء مَلَكٌ يُقالُ له: إسماعيل على مئة ألف مَلَكٍ، كُلُّ مَلَكٍ على مئة ألفِ ملَكٍ، فاستأذنَ عليه، فسأل عنه، ثم قال جبريل: هذا مَلَكُ الموتِ يَسْتَأذِنُ عليك، ما استأذن على آدميٍّ قبلَكَ، ولا يَسْتأذنُ على آدميٍّ بَعدَكَ، فقال له : ائْذَنْ له. فأَذِنَ له، فدخل فسلَّم عليه، ثم قال: يا محمد، إنَّ اللَّه أرسلني إليك، فإن أمَرْتَني أن أقْبِضَ رُوحَك قَبَضْتُ، وإن أمَرْتَني أنْ أتْرُكَه تَرَكْتُه. فقال رسول اللَّه: "أوتَفْعَلُ يا مَلَكَ الموتِ؟ " قال: نعم. وبذلك أُمِرْتُ، وأُمِرْتُ أن أطيعَكَ.

قال: فنظر النبي إلى جبريل، فقال له جبريل: يا محمدُ، إن اللَّه قد اشتاقَ إلى لقائك، فقال رسول اللَّه لملَكِ الموت: "امْضِ لما أُمِرْتَ به" فقبضَ رُوحَه، فلما تُوفَي النبي وجاءت التّعزيةُ سَمِعوا صوتًا من ناحية البيت: السَّلامُ عليكم أهلَ البيت، ورحمةُ اللَّهِ وبركاته، إنَّ في اللَّه عزاءً من كلّ مُصيبةٍ، وخَلَفًا من كُلِّ هالكٍ، ودَرَكًا من كل فائتٍ، فباللَّهِ فَثِقوا، وإيّاهُ فارْجُوا، فإنّما المُصابُ من حُرِمَ الثَّوابَ. فقال عليّ : أتَدْرونَ منْ هذا؟ هذا الخضِرُ . وهذا الحديثُ مُرْسلٌ (٣) وفي إسناده ضَعْفٌ بحالِ القاسم العُمَري هذا، فإنَّه قد ضَعَّفَه غيرُ واحدٍ من الأئمةِ، وتركه بالكلية آخرون. وقد رواه الربيعُ، عن الشافعي، عن القاسم، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، فذكر منه قصةَ التَّعزية فقط موصولًا، وفي الإسناد العُمَريّ المذكور قد نَبَّهْنا على أمره لئلا يُغْتَر به.

على أنه قد رواه الحافظُ البيهقيُّ (٤)، عن الحاكم، عن أبي جعفر البغدادي، ثنا عبد اللَّه بن الحارث أو عبد الرحمن بن المُرْتَعد الصنعاني (٥)، ثنا أبو الوليد المخزومي، ثنا أنس بن عياض، عن جعفر بن محمد (٦)، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: لما توفي رسول اللَّه (ناداهم منادٍ) (٧) يَسْمَعون الحِسَّ ولا يَرَوْنَ


(١) ط: (حفص بن محمد عن أبيه).
(٢) ط: (جاء).
(٣) ط: (مرسلًا).
(٤) دلائل النبوة للبيهقي ٧/ ٢٦٩.
(٥) ط: (الصغاني).
(٦) بعده في الدلائل: (عن أبيه) وبعده في ط: (عن جعفر بن محمد).
(٧) في الدلائل (عزتهم الملائكة).