للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصلاة، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها. ولعلَّ ذلك كان بعدَ موتِ أمِّها سنةَ ثمانٍ من الهجرة على ما ذَكَرهُ الواقدي (١) وقتادةُ وعبد الله بن أبي بَكر بن حَزْمٍ وغيرهم، وكأنها كانت طفلةً صغيرةً، فالله أعلم. وقد تزوَّجها على بن أبي طالب بعد موت فاطمةَ على ما سيأتي إن شاء الله، وكانَتْ وفاةُ زينب ، في سنة ثمانٍ. قاله قتادة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم وخليفة بن خَياطٍ، وأبو بكر بن أبي خَيْثَمة، وغير واحد. وقال قتادة عن ابن حزم في أول سنة ثمان.

وذكر حماد بن سلمة (٢) عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنَّها لما هاجَرَتْ دَفَعَها رجلٌ فوَقَعَتْ على صخرةٍ فأسْقَطَتْ حَمْلَها، ثم لم تَزَلْ وجعةً حتى ماتَتْ. فكانوا يَرَوْنها ماتَتْ شَهيدةً.

وأما رُقَيَّة، فكانَ قد تزوَّجها أولًا ابنُ عَمِّها عُتْبةُ بن أبي لهبٍ، كما تَزوَّجَ أختَها أمَّ كلثومٍ أخوه عُتَيْبة (٣) ابن أبي لهب، ثم طَلَّقاهما قبلَ الدخول بهما، بغضةً في رسول الله حين أنزل الله ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد]. فتزوَّجَ عثمان بن عفان رُقَيَّةَ، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، ويقال: إنه أول منْ هاجر إليها. ثم رجعا إلى مكة، كما قدَّمنا، وهاجَرا إلى المدينة، وولدت له ابنَه عبدَ الله، فبلَغَ ستَّ سنين، فَنَقَره ديكٌ في عَيْنَيْهِ فماتَ، وبه كان يُكنَى أولًا، ثم اكْتَنَى بابنه عمرو (٤). وتُوفِّيَت وقد انتصرَ رسولُ الله ببدرٍ يومَ الفُرْقان، يوم التَقَى الجَمْعان. ولما أن جاء البَشيرُ بالنصر إلى المدينة -وهو زَيْدُ بن حارثة- وجدهم قد ساوَوْا على قَبْرِها التراب، وكان عثمانُ قد أقام عليها يُمَرِّضها بأمر رسولِ الله ، وضربَ له بسهَمْهِ وأجْرِهِ، ولما رَجَعَ زوَّجه بأختها أم كلثوم أيضًا، ولهذا كان يقال له: ذو النُّورين، ثم ماتت عِنْدَه في شعبان سنة تسعٍ، ولم تلِدْ له شيئًا. وقد قال رسول الله : "لو كانَتْ عندي ثالثةٌ لزوَّجْتها عثمانَ" وفي رواية: قال رسول الله : "لو كُنَّ عَشْرًا لزَوَّجْتُهنّ عثمانَ".

وأما فاطمة، فَتَزوَّجَها ابن عَمِّها عليّ بن أبي طالبٍ في صفر سنةَ اثْنَتَيْن، فولدَتْ له الحسن والحسين، ويقال: ومُحْسِناً (٥)، وولدت له أمَّ كلثوم وزينب، وقد تزوَّجَ عُمَرُ بن الخطاب في أيام ولايته بأم كُلْثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة، وأكرمها إكراماً زائدًا، أصدقَها أربعين ألْفَ دِرْهمٍ لأجل نسبها من رسول الله ، فولدت له زيدَ بنَ عُمَرَ بن الخطاب. ولما قُتِلَ عمر بن الخطاب تَزَوَّجَها بعدَه ابنُ عمّها عَوْنُ بن جعفر، فمات عنها، فخلَف عليها أخوه محمَّد، فمات عنها، فتزوَّجَها أخوهما


(١) طبقات ابن سعد (٨/ ٣٤) وتاريخ دمشق (٣/ ١٤٩).
(٢) تاريخ دمشق (٣/ ١٤٨ - ١٤٩).
(٣) ليس اللفظ في ط.
(٤) ط: (عمر).
(٥) أ، ط: (ومحسن) وما أثبته للسياق.