للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم سَفِينة (١) أبو عبد الرحمن. ويقال: أبو البَخْتري، كان اسمه مِهْران، وقيل: عَبْس، وقيل: أحمر، وقيل: رُومان، فَلَقَّبَه رسول الله سفينة (٢) لسبب سنذكره، فغلبَ عليه. وكان مولىً لأم سَلَمَةَ فأعْتَقَتْه واشْتَرَطَتْ عليه أن يَخْدُمَ رسولَ الله حتى يَموتَ، فقَبلَ ذلك. وقال: لَوْ لَمْ تَشْتَرِطي عليَّ ما فارقْتُهُ. وهذا الحديث في "السنن" (٣). وهو من مُوَلَّدي العَرَبِ، وأصلُه من أبناء فارس، وهو سفينة بن مارْفَنَّة (٤).

وقال الإمام أحمد (٥): ثنا أبو النَّضْر، ثنا حَشْرَج بن نُباتة العَبْسي كوفي، ثنا سعيد بن جُمْهان، حدثني سَفِينة قال: قال رسول الله : "الخِلافَةُ في أمتي ثلاثون سنة، ثم مُلْكًا بعد ذلك"، ثم قال لي سفينة: أمْسِكْ خلافةَ أبي بكر، وخِلافَةَ عُمر، وخِلافَة عثمان، وأمْسِكْ خلافةَ عليّ، ثم قال: فوجدناها ثلاثين سنةً. ثم نظرتُ بعدَ ذلك في الخلفاء فلم أجِدْهُ يَتَّفِقُ لهم ثلاثون. قلت لسعيد: أيْنَ لَقيتَ سفينة؟ قال ببطن نَخْلَة، في زمن الحجاج، فأقَمْتُ عنده ثلاثَ ليالٍ أسألهُ عن أحاديث رسول الله . قلت له: ما اسْمُك؟ قال: ما أنا بمُخْبركَ، سَمّاني رسولُ الله سفينة. قلت: ولم سَماكَ سَفينة؟ قال: خرجَ رسولُ الله ومعه أصحابه، فَثَقُلَ عليهم متاعُهم، فقال لي: "ابْسُط كساءك" فبسطته، فجعلوا فيه متاعَهم ثم حملوه عليَّ، فقال لي رسول الله: "احمل فإنما أنت سَفينة" فلو حمَلْتُ يومئذ وقْرَ بعيرٍ أو بَعيرينِ أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة، ما ثَقُلَ عليَّ، إلا أن يَجْفُوا. وهذا الحديثُ عن أبي داود والترمذي والنسائي (٦). ولفظه عندهم "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم تكون مُلْكاً".

وقال الإمام أحمد (٧): حدَّثنا بَهْزٌ، ثنا حماد بن سَلَمة، عن سعيد بن جُمْهان، عن سَفينة، قال: كُنّا في سَفَرٍ، فكان كُلَّما أعْيا رَجُل ألْقَى عليَّ ثيابه، تُرْساً أو سيفاً، حتى حَمَلْتُ من ذلك شيئًا كثيرًا، فقال النبي : "أنت سفينة" هذا هو المشهورُ في تَسْمِيَتِه سَفينة.


= فهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(١) ترجمته في الاستيعاب (٢/ ١٢٩)، تاريخ دمشق - السيرة - مجمع دمشق (٢/ ٢٧٧) وجامع الأصول (١٤/ ١٨٣ - ١٨٤)، وتهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢٢٥)، وسير أعلام النبلاء (٣/ ١٥٨)، وأسد الغابة (٢/ ١٩٠)، والإصابة (٢/ ٥٨)، وتهذيب التهذيب (٤/ ١٢٥).
(٢) ليس اللفظ في ط.
(٣) رواه أبو داود (٣٩٣٢) والنسائي في "الكبرى" (٤٩٩٥) وابن ماجه (٢٥٢٦) وهو حديث حسن.
(٤) ط: (مافنة) وفي أ: (ماقنَّة) وكلاهما تحريف. وانظر تهذيب الكمال (١١/ ٢٠٥)، فإن فيه: ويقال: شنبة بن مارفنَّة.
(٥) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٢١).
(٦) رواه أبو داود (٤٦٤٦) والترمذي (٢٢٢٦) والنسائي في "الكبرى" (٨١٥٥) وهو حديث حسن.
(٧) مسند الامام أحمد (٥/ ٢٢٢)، وإسناده صحيح.