للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معها بأن الدّجال قد خرج. فاختبأت في بيتٍ كانوا يوقِدون فيه، واسْتَضْحَكَتا. وجاء رسول الله فقال: "ما شَأْنُكُما؟ " فأَخْبَرَتاهُ بما كان من أمر سودة، فذهب إليها فقالت: يا رسول الله أَخَرَجَ الدّجّال؟ فقال: "لا، وكأن قد خرج" فخرجت، وجعلت تَنْفُضُ عنها بَيْضَ العَنْكَبوت.

وذكر ابن الأثير خليسة (١) مولاة سلمان الفارسي وقال: لها ذِكْرٌ في إسلام سلمان وإعْتاقها إياه، وتَعْويضه ، لها بأن غَرَسَ لها ثلاثمئة فَسيلةٍ، ذَكَرْتُها تَمْييزًا.

ومنهنَّ خَوْلَةٌ (٢) خادِمُ النَّبِيّ ، كذا قال ابن الأثير.

وقد روى حديثَها الحافظُ أبو نُعَيْم من طريق حَفْص بن سَعيد القُرشيّ، عن أُمِّه، عن أُمِّها خولة، وكانت خادم النَّبِيّ ، فذكر حديثًا في تأخُّرِ الوَحْي بسبب جَرْو كَلْب ماتَ تحتَ سَريره ، ولم يشعروا به، فلما أخرجه جاء الوحي، فنزل قوله تعالى: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [الضحى: ١ - ٢] وهذا غريب، والمشهور في سبب نزولها غير ذلك [والله أعلم].

ومنهن رَزِينة (٣)، قال ابن عساكر: والصحيح أنَّها كانَتْ لصَفِيَّة بنت حُيَي. وكانت تخدم النَّبِيّ .

قلت: وقد تقَدَّمَ في ترجمة ابنتها "أمَة الله" أنه أمهرَ صَفيَّةَ بنتَ حُيَيّ أُمَّها رَزينة، فعلى هذا يكون أصلها له .

وقال الحافظ أبو يعلى: ثنا أبو سعيد الجُشمي، حدّثتنا عُلَيْلَة بنتُ الكُمَيْتِ قالت: سمعتُ أمي أُمَيْنةَ قالت: حدّثتني أمةُ اللهِ بنتُ رَزينة (عن أمِّها رَزينة) (٤) مولاةِ رسول الله أنَّ رسولَ الله سبَى صَفيَّة يومَ قُرَيْظَةَ والنَّضير حينَ فتحَ اله عليه، فجاءَ بها يَقودها سَبيَّةً، فلمّا رأَت النّساءَ قالت: أشهدُ أنَّ لا إله إِلَّا الله، وأنَّكَ رسولَ الله. فأرْسَلها وكان ذراعُها في يَدِه، فأعْتَقَها، ثم خَطَبَها، وتَزَوَّجَها، وأمهرها رَزِينة. هكذا وَقَعَ في هذا السِّياق، وهو أجودُ ممّا سَبَقَ من رواية ابن أبي عاصم، ولكنَّ الحقَّ أنّه اصطفى صَفيَّةَ من غَنائمِ خَيْبَر، وأنَّه أعْتَقَها وجَعَل عِتْقَها صداقَها، وما وقع في هذه الرواية يوم قُرَيْظة والنّضير تَخْبيطٌ، فإنَّهما يومان، بَيْنَهُما سنتان والله أعلم.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقيّ في "الدلائل" (٥): أخبرنا ابن عَبْدان، أخبرنا أحمد بن عُبَيْد الصّفّار، ثنا عليّ بن الحسن السُّكَّري، ثنا عُبَيْد الله بن عمر القَواريري، حَدَّثَتْنا عُلَيْلَةُ بنتُ الكُمَيْت العَتكيّة، عن


(١) ترجمتها في أسد الغابة (٧/ ٨٧)، والإصابة (٤/ ٢٨٦).
(٢) ترجمتها في الاستيعاب (٤/ ١٨٣٤) وأسد الغابة (٧/ ٩٤ - ٩٥)، والإصابة (٤/ ٢٩٤).
(٣) ترجمتها في الاستيعاب (٤/ ١٨٣٨)، وأسد الغابة (٧/ ١١٠)، والإصابة (٤/ ٣٠٢).
(٤) ليس ما بين القوسين في ط.
(٥) دلائل النبوة للبيهقي (٦/ ٢٢٦).