للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم المغيرة بن شعبة الثقفي (١) .

كان بمنزلة السلحدار (٢) بين يدي رسول اللّه ، كما كان رافعًا السيف في يده، وهو واقفٌ على رأس النبي (٣) في الخيمة يوم الحُدَيْبية، فجعلَ كُلَّما أهْوى عَمُّه عروة بن مسعود الثقفي حينَ قدمَ في الرَّسيلةِ إلى لحية رسول اللّه على ما جَرَتِ به عادةُ العَرَبِ في مُخاطباتها - يقرعُ يدَه بقائِمَةِ السَّيف، ويقول: أخِّرْ يَدَكَ عن لحية رسول الله قبلَ أن لا تَصِلَ إلَيْكَ … الحديث كما قدمناه.

قال محمد بن سعد وغيره (٣): شهد المشاهدَ كلَّها مع رسول اللّه ، وولاه مع أبي سفيان الإمرةَ حين ذَهَبا فَخَرَّبَا طاغوتَ أهلِ الطّائِفِ، وهي المَدْعُوَّة بالربَّة، وهي اللات، وكان داهيةً من دُهاة العرب. قال الشعبي: سمعتُه يقول: ما غَلَبَني أحدٌ قطُّ. وقال الشعبي: سمعتُ قَبيصة بن جابر يقول: صَحِبْتُ المغيرةَ بن شُعْبَة، فلو أنَّ مدينةً لها ثمانيةُ أبوابٍ لا يُخْرَجُ من بابٍ منها إِلَّا بمَكْرٍ لخرج من أبوابها. وقال الشعبي (٤): القُضاةُ أربعةٌ: عمر، وعليّ (٥)، وابن مسعود، وأبو موسى. والدهاة أربعة: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة، وزياد. وقال الزهريّ (٦): الدُّهاة خَمْسةٌ، معاوية وعمرو بن العاص (٧) والمغيرة، واثنان مع عليٍّ وهما قيسُ بن سَعْدِ بن عُبادة، وعبدُ اللّه بن بُدَيْل بن وَرْقاء.

وقال الإمام مالك (٨): كان المغيرة بن شعبة رجلًا نَكّاحًا للنساء، وكان يقول: صاحبُ الواحدةِ إن حاضَتْ حاضَ معها، وإن مَرِضَتْ مَرض معها، وصاحب الثنتين بين نارين تَشْتَعِلان (٩). قال: فكان يَنْكِحُ أربعًا جميعًا (١٠) ويُطَلّقُهُنَّ جميعًا. وقال غيره (١١) تزَوَّجَ ثمانينَ امرأةً، وقيل: ثلاث مئة امرأة،


(١) ترجمته في طبقات ابن سعد (٤/ ٢٨٤) و (٦/ ٢٠)، والأغاني (١٦/ ٧٩ - ١٠١)، وتاريخ بغداد (١/ ١٩١)، والاستيعاب (١٤٤٥) وتاريخ دمشق (٦٠/ ١٣ - ٦٢) وأسد الغابة (٤/ ٤٠٦)، وسير أعلام النبلاء (٣/ ٢١ - ٣٢) والإصابة (٣/ ٤٥٢ - ٤٥٣).
(٢) السلحدار: حامل السلاح (الألفاظ الفارسية المعرية ٩٢).
(٣) تاريخ دمشق (٦٠/ ١٥ - ١٦).
(٤) تاريخ دمشق (٦٠/ ٤٩) وتهذيب الكمال (١٨/ ٩٧).
(٥) أ، ط: (أبو بكر وعمر) وهو خطأ صححته عن تاريخ دمشق.
(٦) تاريخ البخاري (٧/ ٣٠٦).
(٧) ط: (وعمر) خطأ.
(٨) تاريخ دمشق (٦٠/ ٥٥).
(٩) ط: (يشتعلان).
(١٠) ليس اللفظ في ط.
(١١) الاستيعاب (١٤٤٦).