للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الزبير عن رسول اللّه أحاديث كثيَرة يَطولُ ذكرها. ولما قُتل الزبيرُ بن العوَّام بوادي السِّباع، كما تقدّم، قالت امرأتُه عاتكةُ بنتُ زيدِ بنِ عمرٍو بن نُفَيْل تَرْثيه وعنه:

غَدَرَ ابْنُ جُرْموزٍ بفارسِ بُهْمةٍ … يَومَ اللِّقاءِ وكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ

يا عَمْرُو لوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ … لا طائشًا رَعشَ الجَنان ولا اليَدِ

كَمْ غَمْرَةٍ قد خاضَها لمْ يَثْنِهِ … عَنْها طِرادُك (١) يا بنَ فَقْع القَرْدَدِ

ثكِلَتْكَ أمُّك إنْ ظَفِرْتَ بمثلِهِ (٢) … فيمن مَضَى مِمَّن يروحُ ويَغْتدي

واللّه رَبِّك إنْ قَتلتَ لَمُسلمًا … حَلَّت عَلَيْكَ عُقوبةُ المُتَعَمِّدِ (٣)

ومنهم زَيْدُ بن ثابتٍ (٤) بن الضَّحَّاك بن زَيْد بن لَوذان بن عَمْرو بن عبد (٥) بن عوف بن غَنْم بن مالك بن النّجّار الأنصاري النجاري، أبو سعيد، ويقال: أبو خارجة، ويقال: أبو عبد الرحمن المدني.

قدم رسول الله المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة، فلهذا لم يَشْهَدْ بَدْرًا لصغره، قيل: ولا أُحُدًا (٦) وأول مشاهده الخندق، ثم شَهِدَ ما بعدها. وكان حافظًا لبيبًا عالمًا عاقلًا، ثبت عنه في "صحيح البخاري" (٧). أنَّ رسول اللّه أمره أن يتعلَّم كتاب يَهود ليقرأه على النَّبِيِّ إذا كتبوا إليه، فتعلَّمه في خمسة عشر يومًا.

وقد قال الإمام أحمد (٨): حَدَّثَنَا سليمان بن داود، ثنا عبد الرحمن، عن أبي الزِّناد، عن خارجة بن زيد: أنّ أباه زيدًا أخبره أنه لما قدم رسولُ الله المدينة قال زيد: ذُهب بي إلى رسول الله فأُعْجب بي، فقالوا: يا رسولَ اللّه، هذا غلامٌ من بني النَّجار، معه مما أنزل اللّهُ عليك بضعَ عشرةَ سورةً، فأَعْجَبَ ذلك رسولَ اللّه وقال: "يا زيدُ تَعَلَّمْ لي كتابَ يهود، فإنِّي والله، ما آمَنْ (٩) يَهودَ على


(١) ط: (كم غمرة خاضها لم يثنيه * عنها طراد) فيها نقص وخطأ.
(٢) ط: ( … إن طرت بمثله * فيم مضى فيمن … ) منها تحريفان.
(٣) ط: (المعتمد) تحريف.
(٤) ترجمته في الاستيعاب (٢/ ٥٣٧)، وتاريخ دمشق - السيرة - مجمع دمشق (٢/ ٣٣٥ - ٣٣٧)، وأسد الغابة (٢/ ٢٧٨) وسير أعلام النبلاء (٢/ ٤٢٦)، والإصابة (١/ ٥٦١ - ٥٦٢).
(٥) ط: (عبيد) تحريف.
(٦) ط: (أحد).
(٧) البخاري (٧١٩٥) تعليقًا.
(٨) مسند الإمام أحمد (٥/ ١٨٦)، وهو حديث صحيح.
(٩) أ: (لا آمن).