للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يعقوبُ بن سفيان: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلم القعنبي وسعيد بن منصور، حَدَّثَنَا عمر بن يونس، حَدَّثَنَا عمر بن عبد الله مولى عُفرة، حدَّثني إبراهيم بن محمد من ولد عليّ، قال: كان علي إذا نعتَ رسولَ الله قال: لم يكن بالطويل الممغَّط ولا القصير المتردِّد، وكان رَبعة من القوم، ولم يكن بالجَعد القَطط، ولا بالسَّبط، كان جَعْدًا رَجِلًا، ولم يكن بالمُطَهَّم ولا المُكَلْثم، وكان في الوجه تدوير أبيضُ مُشْرَبٌ، أدعجَ العينين، أهدب الأشفار، جليل المَشَاش والكتَد، أجردَ، ذو مَسْرُبة، شَثْن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلَّع كأنما يمشي في صَبَب، وإذا التفتَ التفتَ معًا، بين كتفيه خاتم النبوة، أجود الناس كفًا، وأرحب الناس صدرًا، وأصدق الناس لهجةً، وأوفى الناس ذمّة، وألينهم عريكةً، وأكرمُهم عشرةً، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفةً أحبَّه، يقول ناعتُه: لم أرَ قبلَه ولا بعدَه مثله (١). وقد روى هذا الحديث الإمام أبو عُبيد القاسم بن سلام في كتاب "الغريب" (٢).

ثم روى (٣) عن الكسائي والأصمعي وأبي عمرو تفسير غريبه، وحاصل ما ذكره مما فيه غرابة: أن "المُطَهَّم" هو الممتلئ الجسم، و"المكلثم" شديد تدوير الوجه. يعني لم يكن بالسمين الناهض، ولم يكن ضعيفًا بل كان بين ذلك، ولم يكن وجهه في غاية التدوير بل فيه سهولة، وهي أحلى عند العرب ومن يعرف.

وكان "أبيض مشربًا حمرة" وهي أحسن اللون، ولهذا لم يكن أمهق اللون.

و"الأدعج" هو شديد سواد الحدقة.

و"جليل المشاش" هو عظيم رؤوس العظام؛ مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين.

و"الكتد" الكاهل وما يليه من الجسد.

وقوله "شثْن الكفين" أي: غليظهما. "وتقلع في مشيته" أي: شديد المشية. وتقدم الكلام على الشُّكلة والشُّهلة والفرق بينهما.

و"الأهدب" طويل أشفار العين.

وجاء في حديث أنه كان شَبح الذراعين، يعني غليظهما (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) دلائل النبوة؛ للبيهقي (١/ ٢٦٩ - ٢٧٠). وإسناده ضعيف - لضعف عمر بن عبد الله مولى غفرة.
(٢) غريب الحديث للقاسم بن سلام (١/ ١٢١) وإسناده ضعيف.
(٣) دلائل النبوة؛ للبيهقي (١/ ٢٧١ - ٢٧٢).
(٤) "غليظهما": طويلهما، أو عريضهما. عن النهاية؛ لابن الأثير.