للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قتيبة: حدَّثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: كان رسولُ اللّه لا يَدَّخِرُ شيئًا لغدٍ (١).

وهذا الحديث في الصحيحين (٢). والمراد أنه كان لا يدخر شيئًا لغد مما يُسرع إليه الفساد كالأطعمة ونحوها؛ لما ثبت في الصحيحين (٣) عن عمر أنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يُوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب، فكان يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عُدّة في سبيل اللّه ﷿.

ومما يؤيد ما ذكرناه ما رواه الإمام أحمد (٤): حَدَّثنا مروان بن معاوية، (قال: أخبرني) (٥) هلال بن سويد أبو معلى (قال): سمعت أنس بن مالك وهو يقول: أهديت لرسول اللّه ثلاثة طوائر، فأطعم خادمَه طائرًا، فلما كان من الغد أتته به، فقال لها رسول اللّه : "ألم أنهك أن ترفعي شيئًا لغد، فإن اللّه يأتي برزق كل غد".

حديث بلال في ذلك: قال البيهقي (٦): حدَّثنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو محمد جعفر بن نصير، حَدَّثنا إبراهيم بن عبد اللّه البصري، حَدَّثنا بكَار بن محمد، أخبرنا عبد اللّه بن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة؛ أن رسول اللّه دخل على بلال فوجدَ عندَه صُبرًا من تمر، فقال: "ما هذا يا بلال؟ " قال: تمر أدّخره، قال: "ويحك يا بلال، أو ما تخافُ أن تكونَ له بُخارٌ في النار! أنفق بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا".

قال البيهقي (٧) بسنده عن أبي داود السجستاني (٨)، وأبي حاتم الرازي، كلاهما عن أبي تَوبَةَ


(١) رواه الترمذي في الجامع رقم (٢٣٦٢) في الزهد، والبيهقي في دلائل النبوة (١/ ٣٤٦). وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وهو حديث حسن.
(٢) لعل الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى أراد أن معناه في الصحيحين من فعل رسول الله .
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (٢٩٠٤) في الجهاد، ومسلم في صحيحه رقم (١٧٥٧) في الجهاد والسير.
(٤) في مسنده (٣/ ١٩٨) وإسناده ضعيف، لضعف هلال بن سويد الأحمري.
(٥) ما بين القوسين من المسند (٣/ ١٩٨).
(٦) في الدلائل (١/ ٣٤٧) وإسناده ضعيف لضعف بكار بن محمد وهو السيريني. ورواه أبو يعلى عن بشر بن سيحان عن حرب بن ميمون عن هشام بن حَسَّان عن ابن سيرين بنحوه، وإسناده ضعيف جدًا، فإن حرب بن ميمون متروك الحديث ولا عبرة بما ذهب إليه محققه حسين سليم الأسد من تجويد إسناده. على أن الهيثمي قد حسن إسناده من طرق أخرى مجمع الزوائد (٣/ ١٢٦).
(٧) دلائل النبوة (١/ ٣٤٨ - ٣٥٠).
(٨) أخرجه أبو داود في سننه (٣٠٥٥) في الإمارة، وهو حديث صحيح.