للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهبَ عامَّةُ النهار، فإذا رسولُ الله قاعدٌ في المسجد وحده، فسلَّمتُ عليه، فقال لي: "ما فعلَ ما قِبَلَكَ؟ " قلتُ: قد قضى اللّه كلَّ شيء كان على رسول الله فلم يبقَ شيءٌ، قال: "فضلَ شيء؟ " قلتُ: نعم، ديناران، قال: "انظر أن تريحني منهما فلستُ بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منهما" فلم يأتنا أحدٌ، فباتَ في المسجد حتى أصبحَ، وظلَّ في المسجد اليوم الثاني، حتى إذا كان في آخر النهار جاءَ راكبان فانطلقتُ بهما فكسوتُهما وأطعمتُهما، حتى إذا صلَّى العَتَمَة دعاني فقال: "ما فعل ذلك قِبَلَك؟ " قلت: قد أراحَك الله منه، فكبَّر وحَمِدَ اللّه شَفَقًا من أن يدركَه الموتُ وعنده ذلك. ثم اتبعتُه حتى جاء أزواجَه فسلَّم على امرأة امرأة، حتى أتى مبيتَه، فهذا الذي سألتني عنه.

وقال الترمذي في "الشمائل" (١): حدَّثنا هارون بن موسى بن أبي علقمةَ المدِيني، حدَّثني أبي، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب؛ أن رجلًا جاء إلى رسول اللّه فسأله أن يُعطيَه، فقال: "ما عندي ما أعطيك، ولكن ابتغ عليّ شيئًا فإذا جاءني شيءٌ قضيتُه". فقال عمر: يا رسولَ الله قد أعطيتَه، فما كلَّفَك الله ما لا تقدر عليه، فكرهَ النبيُّ قولَ عمر، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله! أنفقْ ولا تخفْ من ذِي العرش إقلالًا. فتبسّم رسولُ الله ، وعُرِف التبسُّم (٢) في وجهه لقول الأنصاري، وقال: "بهذا أمرت".

وفي الحديث؟ "ألا إنهم ليسألوني ويأبى الله عليَّ البخل" (٣).

وقال يوم حنين حين سألوه قسم الغنائم: "والله لو أن عندي عدد هذه العضاة نعمًا لقسمتها فيكم، ثم لا تجدوني بخيلًا، ولا جبانًا، ولا كذابًا" .

وقال الترمذي (٤): حَدَّثنا علي بن حِجْر، حدَّثنا شَريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبَيّع بنتِ معوِّذٍ بن عَفراء، قالت: أتيتُ رسولَ الله بقِنَاع (٥) من رُطب، وأَجْرٍ زُغب (٦)، فأعطاني ملءَ كفِّه حُليًا أو ذَهَبًا.

وقال الإمام أحمد (٧): حدَّثنا سفيان، عن مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي قال:


(١) الشمائل (٣٥٥) باب ما جاء في خلق رسول اللّه ، وهو ضعيف بسبب جهالة والد هارون.
(٢) في الشمائل: وعُرفَ في وجهه البشرُ.
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٤) عن أبي سعيد الخدري : ويأبى اللّه لي البخل، وهو حديث صحيح.
(٤) في الشمائل، رقم (٣٥٦)، وإسناده ضعيف.
(٥) بقناع: أي طبق.
(٦) و"أجر زغب": أجر: بفتح الهمزة وسكون الجيم؛ أي قثاء صغار، والزغب: جمع أزغب، وهو صغار الريش أول طلوعه، شبه ما يكون على القثاء الصغيرة مما يشبه أطراف الريش أول طلوعه.
(٧) في المسند (٣/ ٧).