للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال حمادُ بن سَلمة: وحدَّثنا حُميد الطويل، عن بكر بن عبد اللّه المزني، عن عبد اللّه بن رَباحِ، عن أبي قتادة، عن النَّبِيّ بمثله، وزاد: قال: كان رسولُ اللّه إذا عرَّسَ وعليه ليلٌ توسَّدَ يمينه، وإذا عرَّسَ الصبحَ وضع رأسَه على كفّه اليُمنى وأقام ساعدَه (١).

وقد رواه مسلم (٢)، عن شيبانَ بن فروخ، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد اللّه بن رَبَاح، عن أبي قتادة الحارث بن رَبعي الأنصاري بطوله.

وأخرج (٣) من حديث حماد بن سلمة، بسنده الأخير أيضًا.

حديث آخر عن أنس يُشبه هذا: روى البيهقيّ من حديث الحافظ أبي يعلى الموصلي: حَدَّثَنَا شَيْبان، حَدَّثَنَا سعيدُ بن سُليمان الضَّبْعي (٤)، حَدَّثَنَا أنس بن مالك، أن رسولَ اللّه جهَّزَ جيشًا إلى المشركين، فيهم أبو بكر، فقال لهم: "جدُّوا (٥) السَّيرَ فإن بينكم وبين المشركين ماء، إن يَسبقِ المشركون إلى ذلك الماء شقَّ على الناس، وعطشتُم عطشًا شديدًا أنتم ودوابكم" قال: وتخلَّفَ رسولُ اللّه في ثمانية أنا تاسعُهم، وقال لأصحابه: "هل لكم أن نُعرِّسَ قليلًا ثم نلحق بالناس؟ " قالوا: نعم يا رسولَ اللّه، لمحعرَّسُوا فما أيقظهم إِلَّا حرُّ الشمس، فاستيقظَ رسولُ اللّه واستيقظَ أصحابُه، فقال لهم: "تقدَّموا واقضوا حاجاتِكم" ففعلوا ثم رجعوا إلى رسول اللّه ، فقال لهم: "هل مع أحد منكم ماء؟ " قال رجل منهم: يارسولَ اللّه معي مَيْضأة فيها شيء من ماء، قال: "فجئ بها" فجاء بها، فأخذَها نبيُّ اللّه فمسحَها بكفيه، ودعا بالبركة فيها، وقال لأصحابه: "تعالوا فتوضؤوا" فجاؤوا وجعلَ يصبُّ عليهم رسولُ اللّه حتى توضؤوا كلُّهم، فأذن رجلٌ منهم وأقام، فصلَّى رسول اللّه لهم، وقال لصاحب الميضأة: "ازدهرْ بميضأتِك فسيكون لها شأنٌ".

وركب رسولُ اللّه قبلَ الناس، وقال لأصحابه: "ما ترون الناسَ فعلوا؟ " فقالوا: اللّه ورسولُه أعلم. فقال لهم: فيهم أبو بكر وعمر، وسيرشدُ الناس، فقدمَ الناسُ وقد سبقَ المشركون إلى ذلك الماء، فشقَّ ذلك على الناس وعطشوا عطشًا شديدًا ركابُهم ودوابُّهم، فقال رسول اللّه : "أين صاحب الميضأة؟ " قالوا: هو ذا يا رسولَ اللّه، قال: "جئني بميضأتك" فجاء بها، وفيها شيءٌ من ماء، فقال لهم: "تعالوا فاشربوا" فجعلَ يصبُّ لهم رسولُ اللّه ، حتى شربَ النَّاسُ كلُّهم، وسقَوا


(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٢٩٨) وهو حديث صحيح.
(٢) رواه مسلم في صحيحه رقم (٦٨١) في المساجد.
(٣) في صحيحه رقم (٦٨٣) في المساجد أيضًا.
(٤) هو سعيد بن سليم، وقيل: سليمان، الضبي، ويُقال: الضبعي، ماذكره أحد غير ابن عدي في الكامل (٣/ ١٢٣٨) وضَعَّفه وساق له هذا الحديث، وقال الأزدي: متروك. وينظر ميزان الاعتدال الذهبي (٢/ ١٤٢).
(٥) في دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ١٣٤): أجدوا ..