للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه البيهقيُّ من حديث أبي عوانة، عن عاصم بن أبي النَّجود، عن زِرّ، عن ابن مسعود، وقال فيه: فأتيتُه بعَناق (١) جَذعة فاعتقلها، ثم جعلَ يمسحُ ضَرعَها ويدعو، وأتاه أبو بكر بجَفنة، فحلب فيها، وسقى أبا بكر، ثم شرب، ثم قال للضرع: "اقْلُصْ" فقلَص، فقلت: يا رسولَ اللّه علّمني من هذا القول، فمسحَ رأسي وقال: "إنك غُلَامٌ مُعَلَّمٌ"، فأخذتُ عنه سبعينَ سورةً ما نازعنيها بشر (٢).

وتقدَّم في الهجرة حديثُ أُمّ مَعبدٍ، وحلبُه شاتَها، وكانت عَجْفَاءَ لا لبنَ لها، فشربَ هو وأصحابُه، وغادَر عندها إناءً كبيرًا من لبن حتى جاءَ زوجُها.

وتقدَّم في ذكر من كان (٣) يخدمُه، من غير مواليه ؛ المقدادُ بن الأسود، حين شربَ اللبن الذي كان قد جاءَ لرسولِ اللّه ، ثم قامَ في الليل ليذبحَ له شاةً، فوجدَ لبنًا كثيرًا، فحلبَ ما ملأ منه إناءً كبيرًا جدًا .. الحديث.

وقال أبو داود الطيالسي: حَدَّثَنَا زهير، عن أبي إسحاق، عن ابنة خَبَّابٍ؛ أنها أتت رسولَ اللّه بشاة، فاعتقلَها وحلبَها، فقال: "ائتني بأعظم إناء لكم" فأتيناه بجفنة العجين، فحلبَ فيها حتى ملأها، ثم قال: "اشربوا أنتم وجيرانكم" (٤).

وقال البيهقيّ: أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفَّار، أخبرنا محمد بن الفرج الأزرق، حَدَّثَنَا عصمة بن سليمان الخزاز، حَدَّثَنَا خلفُ بن خليفة، عن أبي هاشم الرماني، عن نافع -وكانت له صحبة- قال: كنا مع رسول اللّه في سفر، وكنا زُهَاءَ أربعمئة، فنزلنا في موضع ليس فيه ماء، فشقَّ ذلك على أصحابه، وقالوا: رسولُ الله أعلمُ، قال: فجاءت شُوَيهةٌ لها قرنان، فقامت بين يدي رسولِ اللّه فحلبَها، فشربَ حتى رَوي وسقى أصحابَه حتى رَوَوا، ثم قال: "يا نافع املكها الليلة، وما أراك تملكها "قال: فأخذتُها فوتدتُ لها وتدًا، ثم ربطتُها بحبلٍ، ثم قمتُ في بعض الليل فلم أرَ الشَّاةَ، ورأيتُ الحبلَ مطروحًا، فجئت رسولَ اللّه فأخبرتهُ من قبل أن يسألني، وقال: "يا نافع! ذهبَ بها الذي جاءَ بها".

قال البيهقيّ: ورواه محمد بن سعد، عن خلف بن الوليد -أبي الوليد الأزدي- عن خلف بن


(١) "عَناق": الأنثى من ولد المعز.
(٢) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٨٤) وطبقات ابن سعد (٣/ ١/ ١٠٦) عن عفان، عن حماد، بهذا الإسناد، وأبو نعيم في الدلائل (ص ١١٤) من طريق الطيالسي رقم (٣٥٣) وهو حديث حسن.
(٣) تقدم ذلك في السيرة النبوية.
(٤) رواه أبو داود الطيالسي رقم (١٦٦٣) ودلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ١٣٨) وفيه: اشربوا وجيرانكم، وابنة خباب لم نقف لها على ترجمة.