للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإذن الله" فقال اليهودي: صدقتَ، وإنك لنبيّ، ثم انصرفَ، فقال النبي : "إنه سألني عنه وما أعلم شيئًا منه حتى أتاني الله به" (١).

وهكذا رواه مسلم (٢)، عن الحسن بن عليّ الحلواني، عن أبي توبة، الربيع بن نافع، به، وهذا الرجلُ يُحتملُ أن يكونَ هو عبد الله بن سلام، ويُحتمل أن يكون غيره، واللّه أعلم.

حديث آخر: قال أبو داود الطيالسي: حدَّثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، حدَّثني ابنُ عباس، قال: حضرت عصابة من اليهود يومًا عند رسولِ الله فقالوا: يا رسولَ الله حدَّثنا عن خلالٍ نسألُك عنها لا يعلمُها إلا نبى، قال: "سَلوني عما شِئتم، ولكن اجعلُوا لي ذمَّةَ الله وما أخذَ يعقوبُ على بنيه إن أنا حدَّثتكم بشيء تعرفونَه صِدقًا لتُتَابعُنِّي (٣) على الإسلام " قالوا: لك ذلك، قال: " سَلُوا عما شِئتم " قالوا: أخبرنا عن أربع خِلال ثم نسألُك، أخبرنا عن الطعام الذي حرَّمَ إسرائيلُ على نفسه من قبل أن تنزلَ التوراة، وأخبرنا عن ماءِ الرجلِ كيف يكونُ الذكرُ منه حتى يكونَ ذكرًا، وكيف تكونُ الأنثى حتى تكونَ أنثى، وأخبرنا عن هذا النبيِّ في النوم، ومن وليّك من الملائكة؟ قال: " فعليكم عهدُ الله لئن أنا حدَّثتكم لتُتَابِعُنّي " فأعطوه ما شاءَ من عهد وميثاق، قال: "أنشدُكم بالله الذي أنزلَ التوراةَ على موسى، هل تعلمون أن إسرائيلَ -يعقوب- مَرِضَ مرضًا شديدًا طال سقمُه فيه، فنذرَ للّه نَذرًا لئن شفاهُ الله من سقمِه ليحرمَنَّ أحبَّ الشرابِ إليه وأحبَّ الطعام إليه، وكان أحبَّ الشرابِ إليه ألبانُ الإبل، وأحبَّ الطعام إليه لحمان الابل؟ " قالوا: اللهم نعم، فقال رسول الله: "اللهم اشهد عليهم" قال: فانشُدكُم الله الذي لا إلهَ إلا هو، الذي أنزلَ التوراةَ على موسى، هل تعلمونَ أن ماءَ الرجلِ أبيض، وأن ماء المرأة رقيقٌ أصفر، فأيُّهما علا كان له الولد والشَّبَه بإذن الله، وإن علا ماءُ الرجل ماءَ المرأة كان ذكرًا بإذن الله، وإن علا ماءُ المرأةِ ماءَ الرجل كان أنثى بإذن الله؟ " قالوا: اللهم نعم. قال رسول الله: "اللهم اشهد عليهم".

قال: "وأنشدُكم بالله الذي لا إلهَ إلا هو، الذي أنزلَ التوراةَ على موسى، هل تعلمونَ أن هذا النبي تنامُ عيناه ولا ينامُ قلبُه؟ " قالوا: اللهم نعم. قال: "اللهم اشهد عليهم".

قالوا: أنت الآن حدّثنا عن وليَّك من الملائكةِ، فعندَها نجامعُكَ أو نفارِقُكَ، قال: " وليّي جبريلُ


(١) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٢٦٣ - ٢٦٤) وإسناده صحيح. ومعنى فنكت: خط في الأرض بعود وأثَّر فيها. والجسر: الصراط. وتحفتهم: ما يهدى إلى الرجل ويخصف له ويُلاطف. وآنثا: كان الولد أنثى.
(٢) رواه مسلم في صحيحه رقم (٣١٥) في الحيض.
(٣) في دلائل البيهقي (٦/ ٢٦٦) لتبايعني. والتحريف فيها قريب.