للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسألكَ، قال: وأنا أُجيبكَ، قال: أسِلْمٌ أنت أم حربٌ؟ قال: بل سِلمٌ، (قال): فما (١) هذه الحصون التي أرى؟ قال: بنيناها للسفيه نحبسه حتى يجيء الحليم فينهاه، ثم دعاهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال، فأجابوا إلى الجزية بتسعين أو (٢) مئتي ألف كما تقدّم.

ثم بعث خالد بن الوليد كتابًا إلى أمراء كسرى بالمدائن (ومرازبته) ووزرائه.

كما قال هشام بن الكلبي: عن أبي مِخْنف، عن مُجالد، عن الشَّعبي (٣) قال:

أقرأني بنو بُقيلة كتاب خالد بن الوليد إلى أهل المدائن: من خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل فارس: سلامٌ على من اتَّبع الهُدى، أما بعد فالحمد لله الذي فض خدمتكم (٤) وسلبَ مُلْككم ووهنَ كيدكَم، وإنَّ منْ صلَّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكلَ ذبيحتنا فذلك (٥) المسلمُ الذي له ما لنا وعليه ما علينا، أما بعد فإذا جاءكم كتابي فابعثوا إليَّ بالرُّهن واعتقدوا مني الذِّمة (٦)، و (إلا) فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قومًا يحبّون الموتَ كما تحبّون أنتم الحياة، فلما قرؤوا الكتاب أخذوا يتعجبون.

وقال سيف بن عمر (٧): عن طلحة بن الأعلم (٨)، عن المغيرة بن عُتيبة (٩) - وكان قاضي أهل الكوفة - قال: فرَّقَ خالدٌ - مخرجه من اليمامة إلى العراق - جندَه ثلاثَ فرقٍ، ولم يحملهم على طريق واحدة، فسرح المثنى قبله بيومين ودليله ظفر (١٠)، وسرح عديَّ بن حاتم وعاصم بن عمرو، ودليلاهما (١١) مالك بن عباد وسالم بن نصر، أحدهما قبل صاحبه بيوم، وخرج خالد - يعني في آخرهم - ودليله رافع، فواعدهم جميعًا الحفير ليجتمعوا به، ويصادموا عدوهم، وكان فرج الهند [ويسمَّى فرجَ الذهب وهو الأبلق (١٢)، وهو] أعظمُ فروجِ فارس بأسًا وأشدها شوكة وكان صاحبه يحارب العربَ في البر والهند في البحر وهو هرمز، فكتب إليه خالدٌ فبعث هرمزُ بكتابِ خالدٍ إلى شيرَى بن كسرى، وأردشير بن شيرَى،


(١) في أ: بل سلم ما هذه.
(٢) في أ: بتسعين ومئتي ألف.
(٣) الخبر في تاريخ الطبري (٣/ ٣٤٦).
(٤) في أ: حديثكم، وفي ط: "خدمكم"، وما أثبتناه من تاريخ الطبري (٣/ ٣٤٦)، وخدمتكم: جماعتكم.
(٥) في ط: "فذلكم"، وما أثبتناه من أ، وهو الذي في تاريخ الطبري الذي ينقل منه المصنف.
(٦) في أ: يالذمة. وما هنا يعضده ما في الطبري.
(٧) تاريخ الطبري (٣/ ٣٤٨).
(٨) في ط والأصل: طليحة الأعلم، والتصحيح من الطبري وتوضيح المشتبه (٢/ ١٤٩).
(٩) في ط والأصل: عيينة؛ تحريف، والتصحيح من الطبري وتوضيح المشتبه (٦/ ١٧٠).
(١٠) في أ: ظفرح؛ ويبدو أن الحاء زائدة.
(١١) ودليلهما.
(١٢) بعدها في أ: صاحبه يحارب في البر والهند وسترد بعدُ. وما بين الحاصرتين ليس في تاريخ الطبري.