للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هرقل (ذلك) بعثَ إلى مقاتليها فحضروا بين يديه وأمر بمَلَطْيَه فحُرقت وانتهت الرومُ منهزمةً إلى هرقل وهو بحمص والمسلمون في آثارهم يقتلون ويأسرون ويغنمون. فلما وصل الخبر إلى هرقل ارتحل من حمص وجعلها بينه وبين المسلمين وترس (بها) وقال هرقل: أما الشامُ فلا شام، وويلٌ للرومِ من المولودِ المشؤوم.

ومما قيل من الأشعار في يوم اليرموك قول القعقاع بن عمرو: [من الوافر]

ألمْ ترَنَا عَلَى اليَرْموكِ فُزْنا … كَما فُزْنا بأيّامِ العِراقِ

وعذراءَ المدائنِ قد فَتَحْنا … ومَرْج الصُّفرِ بالجُرْدِ العِتَاقِ (١)

فتَحْنا قَبْلها بُصْرَى وكَانَتْ … مُحرَّمةَ الجناب لدى النعاقِ (٢)

قَتَلْنَا منْ أقامَ لَنا وفِينا … نَهابُهُمُ بأَسْيافٍ رقاقِ

قَتَلْنا الرُّومَ حتى ما تساوَى … على اليرموكِ معروقُ الوراق

فَضَضْنا جمْعهُم لما استجالوا … على الواقوصِ بالبُتْرِ الرِّقاق (٣)

غداةَ تهافتوا فيهها فَصَاروا … إلى أمرٍ فعُضِّلَ بالذواقِ

وقال الأسود أبو مفزّر (٤) التميمي: [من الطويل]

وكمْ قَدْ أغَرْنا غارةً بعد غارة … ويوْمًا وَيَومًا قد كَشَفْنا أهاوِلُه

ولولا رجالٌ كانَ عشو (٥) غنيمةٍ … لدى مأقطٍ (٦) رَجّتْ علينا أوائله

لقيناهم (٧) اليَرْموك لمَّا تَضَايَقَتْ … بمنْ حَلَّ باليَرْموكِ منهُ حمائلهُ

فلا يَعْدِمنْ [منَّا] هرقلُ كتَائبًا … إذا رَامَها رامَ الَّذي لا يُحاوِلُهْ

وقال عمرو بن العاص: [من الرجز]

القَوْمُ لخمٌ وجذامٌ في الحربْ … ونحْنُ والرُّومُ بمَرْجٍ نَضْطربْ

فإنْ يَعُودوا بها لا نَصْطحبْ … بل نَعْصِبُ الفُرّارَ بالضَرْبِ الكَربْ

وروى أحمد بن مروان المالكي (٨) في "المجالسة": حدَّثنا أبو إسماعيل الترمذي حدَّثنا


(١) في أ: ومرج الصفرين على العتاق.
(٢) نعق ينعق نعقًا ونعاقًا ونعيقًا ونعقانًا: صاح بها. اللسان (نعق).
(٣) أ: على الواقوصة البتر.
(٤) في ط: الأسود بن مقرن، وفي أ: أبو الأسود المقرر؛ وكلاهما خطأ. والأبيات في تاريخ دمشق - ط دار الفكر - (٩/ ٦٩) ومختصره لابن منظور (٤/ ٣٨٨).
(٥) أ: عسو، وفي تاريخ ابن عساكر ومختصره: حشو، والشطر غير واضح المعنى.
(٦) المأقط: المضيق في الحرب جمعه مآقط. اللسان (أقط).
(٧) في التاريخ ومختصره: كفيناهم.
(٨) أحمد المالكي الدينوري محدث فقيه، نزل مصر وبها توفي من تآليفه كتاب "المجالسة" الذي يرويه البوصيري =