للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الظهر والعصر، أردّد في الأوليين وأصرف في الأُخريين (١). فسمعتُ عمر يقول: كذا الظنُّ بك يا أبا إسحاق.

وفي صحيح مسلم (٢) أن عمر بعث من يسأل عنه أهل الكوفة فأثنوا خيرًا إلا رجلًا يقال له: أبو سعدة أسامة بن قتادة (٣) قام فقال: أما إذ أنشدتنا فإنَّ سعدًا لا يقسم بالسَّوية، ولا يعدل في القضية، ولا يخرج في السَّريَّة. فقال سعد: اللهمّ إن كان عبدكَ هذا قام مقام رياءٍ وسمعةٍ، فأطل عمره وأدم فقرَهُ وعرِّضْهُ للفتن. فأصابته دعوةُ سعد - فكان شيخًا كبيرًا يرفع حاجبيه عن عينيه. ويتعرّض للجواري في الطرق فيغمزهن، فيقال له في ذلك، فيقول: شيخ كبير مفتون أصابته دعوة سعد.

وقد قال عمر في وصيته - وذكره في الستة (٤) - فإن أصابت الإمرَة سعدًا فذاك، وإلا فليستعنْ به أيّكم ولّي، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة. قال: وفيها أجلى عمرُ يهودَ خيبر عنها إلى أذرعات وغيرها.

وفيها أجلى عمر يهود نجران منها أيضًا إلى الكوفة، وقسم خيبر، ووادي القرى، ونجران بين المسلمين.

قال وفيها دوّنَ عمر الدواوين، وزعم غيره أنّه دوّنها قبل ذلك، فالله أعلم.

قال: وفيها بعث عمر عَلْقَمة بن مُجَزِّز المُدْلجي (٥) إلى الحبشة في البحر فأصيبوا، فآلى عمر على نفسه أن لا يبعث جيشًا في البحر بعدها. وقد خالف الواقدي في هذا أبو معشر فزعم أن غزوة الحبشة إنما كانت في سنة إحدى وثلاثين - يعني في خلافة عثمان بن عفان - والله أعلم.

قال الواقدي. وفيها تزوج عمر فاطمة بنت الوليد، التي مات عنها الحارث بن هشام في الطاعون، وهي أخت خالد بن الوليد.

قال: وفيها مات هلال (٦) بدمشق.


(١) في ط: الأخيرين؛ خطأ. الذي في مسند أحمد "أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين".
(٢) هكذا نسب المصنف هذه الزيادة لمسلم، ولم أقف عليها في المطبوع منه، وإنما أخرجها البخاري (٧٥٥). وينظر دلائل النبوة للبيهقي (٦/ ١٨٩ - ١٩٠) (بشار).
(٣) في ط: قتادة بن أسامة؛ خطأ. وما هنا موافق للبخاري ولتاريخ الطبري (٤/ ١٢١) والكامل لابن الأثير (٣/ ٦).
(٤) الستة الذين أوصى عمر أن يكون الأمر لأحدهم من بعده وهم عليّ وطلحة، وعثمان والزبير، وعبد الرحمن بن عوف وسعد . ونص هذه الوصية في مسند أحمد (١/ ١٥) وصحيح البخاري رقم (٣٧٠٠) في فضائل الصحابة، وصحيح مسلم رقم (٥٦٧) في المساجد: وصحيح ابن حبان - الإحسان - (١٥/ ٣٥٠ - ٣٥٥) رقم (٦٩١٧) وثمة تخريج واف لهذه الوصية.
(٥) ضبطه عن جامع الأصول (١٤/ ٥٣٧) وفي هامشه قائمة بمصادره.
(٦) هو هلال بن مرّة الأشجعي؛ ترجمته في جامع الأصول (١٥/ ٥٠٠) وأسد الغابة (٥/ ٤١٢) والإصابة (٣/ ٦٠٧).