للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الواقدي: أسلم أول يوم من صفر سنة ثمان، وشهد مؤتة وانتهت إليه الإمارة يومئذ عن غير إمرة، فقاتل يومئذ قتالًا شديدًا لم يُرَ مثله، اندقّت في يده تسعةُ أسيافٍ، ولم تثبت في يده إلا صفيحة يمانية. وقد قال رسول الله-: "أخذ الراية زيدٌ فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه" (١).

وقد رُويَ أن خالدًا سقطت قلنسوته يوم اليرموك وهو في الحرب فجعل يستحثّ في طلبها فعوتب في ذلك، فقال: إن فيها شيئًا من شعر ناصية رسول الله ، وإنها ما كانت معي في موقف إلا نُصرتُ بها (٢).

وقد روينا في مسند أحمد (٣) من طريق الوليد بن مسلم، عن وَحْشي بن حرب، عن أبيه، عن جدّه وَحْشي بن حرب، عن أبي بكر الصديق أنه لما أمَّر خالدًا على حرب أهل الردة قال: سمعت رسول الله يقول: "نعم عبدُ الله وأخو العشيرة خالدُ بن الوليد، خالد بن الوليد سيفٌ من سيوف الله سلَّه الله على الكفار والمنافقين". وقال أحمد (٤): حدَّثنا حسين الجعفي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال: استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة على الشام وعزل خالد بن الوليد، فقال خالد: بعث إليكم أمين هذه الأمة، سمعتُ رسول الله يقول: "أمينُ هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله يقول: "خالدٌ سيفٌ من سيوف الله نِعْمَ فَتى العشيرة".

وقد أورده ابن عساكر (٥) من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وأبي هريرة، ومن طرق مرسلة يقوي بعضها بعضًا.

وفي الصحيح (٦): "وأما خالدٌ فإنكم تظلمون خالدًا وقد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله".

وشهد الفتح وشهد حنينًا وغزا بني جذيمة أميرًا في حياته . واختلف في شهوده خيبر (وقد دخل مكةَ أميرًا على طائفة من الجيش وقتل خلقًا كثيرًا من قريش، كما قدمنا ذلك مبسوطًا في موضعه ولله الحمد والمنة. وبعثه رسول الله إلى العزى -وكانت لهوازن- فكسر قمَّتها أولًا ثم


(١) الحديث أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٢٠٤) والبخاري في صحيحه (٣٧٥٧) في فضائل الصحابة و (٤٢٦٢) في المغازي.
(٢) هذا الخبر أخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ٢٩٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٦/ ٢٤٦) من طريق هشيم عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن خالد بن الوليد. وذكره البوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة (٧٦٦٨) وقال: "رواه أبو يعلى بسند صحيح".
(٣) مسند الإمام أحمد (١/ ٨) وهو حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حرب بن وحشي.
(٤) مسنده (٤/ ٩٠) وهو حديث حسن.
(٥) في تاريخ دمشق (١٦/ ٢٣٩ - ٢٤٥).
(٦) صحيح البخاري (١٤٦٨) في الزكاة، وصحيح مسلم (٩٨٣) (١١) في الزكاة.