للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عمر: ما هذا يا خالد؟ فقال: وما بأسٌ يا أميرَ المؤمنين، أليس قد لبسه عبد الرحمن بن عوف؟ فقال: وأنت مثل ابن عوف؟ ولك مثل ما لابن عوف؟ عزمتُ على منْ بالبيت إلا أخذَ كلُّ واحد منهم بطائفة مما يليه. قاد: فمزَّقوه حتى دم يبق منه شيء (١).

وقال عبد الله بن المبارك: عن حماد بن زيد، حدَّثنا عبد الله بن المختار، عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل -ثم شك حماد في أبي وائل- قال: ولما حضرت خالدَ بن الوليد الوفاةُ قاك (٢): لقد طلبتُ القتلَ في مظانّه فلم يُقَدَّر لي إلا أن أموتَ على فراشي. وما من عملي شيءٌ أرْجَى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتُّها وأنا مُتَترّسٌ والسماء تهلّني ننتظر الصبح (٣)، حتى نُغير على الكفار. ثم قال: إذا أنا متُّ فانظروا إنى سلاحي وفرسي (٤) فاجعلوه عدّة في سبيل الله. فلما توفي خرج عمر على جنازته فذكر قوله: ما على آل نساء الوليد أن يَسْفَحْن على خالدٍ من دموعِهِنَّ ما لم يكن نَقْعًا أو لقْلَقَةً.

قال ابن المختار: النقع: التراب على الرأس، واللقلقة: الصوت.

وقد علّق البخاري في صحيحه (٥) بعض هذا فقال: وقال عمر: دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقعٌ أو لقلقةٌ.

وقال محمد بن سعد (٦): حدَّثنا وكيع وأبو معاوية وعبد الله بن نمير قالوا: حدَّثنا الأعمش، عن شقيق بن سلمة قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة بني المغيرة في دار خالد يبكين عليه فقيل لعمر: إنهنَّ قد اجتمعن في دار خالد يبكين عليه، وهنّ خلقاء أن يسمعنك بعض ما تكره. فأرسلْ إليهنَّ فانههنَّ. فقال عمر: وما عليهنَّ أن ينزفن من دموعهنّ على أبي سليمان، ما لم يكن نقعًا أو لقلقة. ورواه البخاري في "التاريخ" (٧) من حديث الأعمش بنحوه.

وقال إسحاق بن بشر وقال محمد: مات خالد بن الوليد بالمدينة فخرج عمر في جنازته وإذا أمه تندبه وتقول (٨): [من الخفيف]


(١) رخص رسول الله لعبد الرحمن بن عوف لبس الحرير لحكة كانت في جسده والخبر في ذلك أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ١٢٢ و ١٢٧) والبخاري في صحيحه (٢٩١٩ - ٢٩٢٢). في الجهاد ورقم (٥٨٣٩) في اللباس، ومسلم في صحيحه (٢٠٧٦) في اللباس. وغيرهم.
(٢) الخبر في سير أعلام النبلاء (١/ ٣٨١) والإصابة (٣/ ٧٤).
(٣) في ص: تهلني تمطر إلى الصبح.
(٤) في أ. وقوسي.
(٥) صحيح الإمام البخاري معلقًا -فتح الباري- (٣/ ١٦٠ عقيب الحديث ١٢٩٠).
(٦) انطبقات الكبرى (٤/ ٢٥٣).
(٧) التاريخ الأوسط المنشور باسم الصغير (١/ ٤٦ - ٤٧).
(٨) الخبر في سير أعلام النبلاء (١/ ٣٨١) وقال الذهبي: ويروى بإسناد ساقط أن عمر خرج في جنازة خالد بالمدينة.