للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمَنّى بعدهم قومٌ مداهم … فلمْ يدنوا لأسبابِ الكمالِ

وفي رواية أنَّ عمر قال لأمِّ خالد: أخالدًا أو أجره تُرزئين؟ عزمت عليك أن لا تبيني حتى تسودَّ يداك من الخضاب. وهذا كله (١) يقتضي موته بالمدينة النبوية، وإليه ذهب دُحيم عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي.

ولكنّ المشهور عن الجمهور وهم الواقدي، وكاتبه محمد بن سعد، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإبراهيم بن المنذر، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو عبد الله العصفري، وموسى بن أيوب، وأبو سليمان بن أبي محمد وغيرهم: أنه مات بحمص سنة إحدى وعشرين. زاد الواقدي: وأوصى إلى عمر بن الخطاب. وقد روى محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وغيره قالوا: قدم خالد المدينة بعدما عزله عمر فاعتمر ثم رجع إلى الشام، فلم يزل بها حتى مات في سنة إحدى وعشرين. وروى الواقدي أنَّ عمر رأى [بالمدينة قومًا] حجاجًا يصلّون (٢) بمسجد قباء فقال: أين نزلتم بالشام؟ قالوا: بحمص، قال: فهل من معرفة خبر؟ قالوا: نعم مات خالد بن الوليد، قال: فاسترجع عمر وقال: كان والله سدادًا لنحور العدو، ميمون النقيبة. فقال له علي: فلم عزلته؟ قال: لبذله المال لذوي الشرف واللسان.

وفي رواية أنَّ عمر قال لعلي: ندمت على ما كانَ منّي. وقال محمد بن سعد (٣): أخبرنا عبد الله بن الزُّبير الحميدي، حدَّثنا سفيان بن عيينة، حدَّثنا إسماعيل بن أبي خالد، سمعت قيس بن أبي حازم يقول: لما مات خالد بن الوليد قال عمر: رحم الله أبا سليمان، لقد كنا نظن به أمورًا ما كانت.

وقال جويرية، عن نافع قال: لما مات خالد لم يوجد له إلا فرسه وغلامه وسلاحه.

وقال القاضي المعافى بن زكريا الجريري: حدَّثنا أحمد بن العباس العسكري، حدَّثنا عبد الله بن أبي سعد، حدَّثني عبد الرحمن بن حمزة اللّخمي، حدَّثنا أبو علي الحرْمازي (٤) قال: دخل هشام بن البَخْتري في ناس من بني مخزومٍ على عمر بن الخطاب فقال له: يا هشام أنشدني شعرَكَ في خالدٍ. فأنشده فقال: قصَّرتَ في الثناء على أبي سليمان ، إنه كان ليحب أن يُذِلَّ الشرك (٥) وأهلَه، وإن كان الشامتُ به لمتعرضًا لمقت الله. ثم قال عمر قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره؛ [من الطويل]

وَقُلْ للَّذي يبقَى خِلافَ الذي مضى … تَهَيَّأ لأُخرى مثلَها فكأنْ قَدِ


(١) في أ: وهذا كله مما يقتضي.
(٢) في أ: يقيلون.
(٣) الطبقات الكبرى (٧/ ٣٩٧).
(٤) في ط: الحرنازي؛ تحريف. والتصويب من تاريخ دمشق (١٦/ ٢٧٩).
(٥) في أ: الشر.