للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن مُنبِّه (١) -وهو (٢) زُبَيْد الأكبر- بن الحارث بن صَعْب (٣) بن سَعْد العشيرة بن مَذْحج الزُّبيدي المَذْحجي أبو ثَوْر: أحد الفرسان المشاهير الأبطال، والشجعان المذاكير. قدمَ على رسول الله سنة تسع (٤)، وقيل عشر مع وفد مُراد، وقيل في وفد زُبَيْدٍ قومه. وقد ارتدَّ مع الأسود العَنْسي، فسار إليه خالد بن سعيد بن العاص، فقاتله فضربه خالد بن سعيد بالسيف على عاتقه فهرب وقومه، وقد استلب خالد سيفَه الصمصامةَ، ثم أُسر ودُفع إلى أبي بكر فأنَّبه وعاتبه واستتابه، (فتاب) وحسُنَ إسلامُه بعد ذلك. فسيَّره إلى الشام، فشهد اليرموكَ، ثم أمره عمر بالمسير إلى سعدٍ، وكتب بالوصاة به، وأن يشاوَرَ ولا يُولَّى شيئًا، فنفعَ اللهُ به الإسلامَ وأهلهُ؛ وأبلى بلاءً حسنًا يوم القادسية. وقيل إنه قُتل بها، وقيل بنِهاوند، وقيل ماتَ عَطَشًا في بعض القُرى يُقال لها روذة (٥)، فالله أعلم. وذلك كله في [سنة] إحدى وعشرين، فقال بعض من رثاه من قومه (٦) [من الطويل]

لَقَدْ غادرَ الرُّكبانَ يومَ تَحَمَّلوا … برُوذةَ شَخْصًا لا جَبانًا ولا غَمْرا

فَقُلْ لزُبَيْدٍ بل لمَذْحِجَ كُلِّها … رُزِئْتُمْ أبا ثورٍ قَريعَ الوَغى (٧) عَمْرا

وكان عمرو بن معديكرب من الشعراء المجيدين، فمن شعره (٨): [من الوافر]

أعاذلَ عُدَّتي بَدني ورُمْحي … وَكُلّ مُقَلَّصٍ سَلِسِ القيَادِ

أعاذلَ إنَّما أُفْني شَبابي … إجابتيَ الصَّريخَ إلى المُنادي

معَ الأبْطالِ حتَّى سُلَّ جسمي … وأقرعَ عاتقي حملُ النِّجادِ

وَيَبْقى بَعْدَ حِلْمِ القَوْمِ حِلْمي (٩) … وَيَفْني قَبْلَ زادِ القَوْمِ زادي

تَمَنَّى أن يلاقيني قييسٌ … وَددتُ وأيْنَما منّي وِدادي


(١) في ط والإصابة: ابن شيبة.
(٢) في أ والاستيعاب: بن زبيد.
(٣) في ط والإصابة: ضعف.
(٤) في أ: سبع؛ تحريف.
(٥) روذة: قرية بالرّي، قال ياقوت: "قالوا: وبها مات عمرو بن معديكرب منصرفًا عن الري ودفن في موضع يقال له كرمانشاه". معجم البلدان (٣/ ٧٨).
(٦) الأبيات في الاستيعاب وتاريخ دمشق وتاريخ دمشق وأسد الغابة والإصابة، وأوردهما محقق ديوانه ثلاثة في مقدمته (ص ٣١).
(٧) في أ، والاستيعاب وتاريخ دمشق وتاريخ دمشق وأسد الغابة: قريعكم. وفي مقدمة ديوانه: سنانكم.
(٨) الأبيات في ديوانه (ص ١٠٦ - ١٠٧) وقد أورد المحقق حفظه الله روايات مختلفة من مصادر مختلفة، ولم أجد ضرورة لإثبات هذه الخلافات لسهولة العودة إلى ديوانه.
(٩) في أ: حكم القوم حكمي.