للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعين وردة وديار بكر وديار ربيعة وبلاد المَوْصل وأرْمينية جميعها، وبالعراق: القادسية والحيرة ونهر شير وساباط ومدائن كسرى وكورة الفرات ودجلة والأُبُلَّة والبصرة والأَهْواز وفارس ونَهاوند وهَمَذان والزَفي وقُومس وخراسان وإصْطخر وأصبهان والسّوس ومرو ونَيْسابور وجُرجان وأذْرَبيجان وغير ذلك، وقطعت جيوشه النهر مرارًا.

وكان متواضعًا في الله، خشن العيش، خشن المطعم، شديدًا في ذات الله، يرقع الثوب بالأديم، ويحمل القربة على كتفيه، مع عظم هيبته، ويركب الحمار عريًا، والبعير مخطومًا بالليف، وكان قليل الضحك، لا يمازح أحدًا، وكان نقش خاتمه: كَفَى بالموتِ واعظًا يا عُمَر (١).

وقال النبي : " أشد أمتي في دين الله عمر" (٢). وعن ابن عباس أنَّ النبي قال: "إنَّ لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر، وإنَّهما السمع والبصر" (٣).

وعن عائشة أنَّ النبي قال: "إنَّ الشيطان يَفْرَق من عمر" (٤).

وقال: " أرحمُ أمتي أبو بكر، وأشدُّها في دين الله عمر" (٥).

وفيل لعمر: إنك قضاء. فقال: الحمدُ الله الذي ملأ قلبي لهم رُحمًا، وملأ قلوبهم لي رعبًا.

وقال عمر: لا يحلُّ لي من مال الله إلا حلَّتان حلَّة للشتاء وحلَّة للصيف، وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم، ثم أنا رجل من المسلمين.

وكان عمر إذا استعمل عاملًا كتب له عهدًا وأشهد عليه رهطًا من المهاجرين واشترط عليه أن لا يركب برذونًا، ولا يأكل نقيًا، ولا يلبس رقيقًا، ولا يغلق بابهَ دون ذوي الحاجات. فإن فعل شيئًا من ذلك حَلَّتْ عليه العقوبةُ.

وقيل إنَّه كان إذا حدَّثه الرجل بالحديث فيكذب فيه الكلمة والكلمتين فيقول عمر: احبس هذه احبس هذه، فيقول الرجل: والله كلُّ ما حدَّثتك به حقٌّ غير ما أمرتني أن أحبسه.

وقال معاوية بن أبي سفيان: أمَّا أبو بكر فلم يُرد الدنيا ولم تُرده، وأما عمر فارادته فلم يردها، وأما


(١) الخبر في تاريخ ابن عساكر -مجلد عمر بن الخطاب- (ص ٢٢١).
(٢) سيأتي تخريجه بعد قليل.
(٣) الحديث أخرجه الترمذيّ [في جامعه (٣٦٨٠) في المناقب] وإسناده ضعيف، والجملة الأخيرة منه "هذان السمع والبصر" رواه الترمذيّ رقم (٣٦٧١) من حديث عبد الله بن حنطب، وهو حديث حسن.
(٤) رواه أحمد (٥/ ٣٥٣) والترمذي رقم (٣٦٩٠) من حديث بريدة، وهو حديث صحيح.
(٥) قطعة من حديث عن أنس أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ١٨٤) والترمذي (٣٧٩١) والنسائي في فضائل الصحابة رقم (١٨٢) وابن حبان في صحيحه -الإحسان- (١٦/ ٧٤ و ٨٥) رقم (٧١٣١ و ٧١٣٧)، وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.