للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير: فعلى ما ذكره الواقدي تكون ولاية سعد على الكوفة سنة] (١) خمس وعشرين.

قال ابن جرير (٢): وفي هذه السنة -أعني سنة أربع وعشرين- غزا الوليد بن عقبة أذربيجان وأرمينية حين منع أهلها ما كانوا صالحوا عليه أهل الإسلام في أيام (٣) عمر بن الخطاب، وهذا في رواية أبي مخنف، وأما في رواية غيره فإن ذلك كان في سنة ست وعشرين، ثم ذكر ابن جرير ها هنا هذه الوقعة وملخصها أنَّ الوليد بن عقبة سار بجيش الكوفة نحو أذربيجان وأرمينية، حين نقضوا العهدَ فوطئ بلادهم وأغار بأراضي تلك الناحية فغنم وسبى وأخذ أموالًا جزيلة فلمَّا أيقنوا بالهلكة صالحهم أهلها على ما كانوا صالحوا عليه حُذيفة بن اليمان ثمانمئة ألف درهم في كل سنة، فقبض منهم جزية سنة ثم رجع سالمًا غانمًا إلى الكوفة، فمرَّ بالموصل. وجاءه كتاب عثمان وهو بها يأمره أن يمدَّ أهل الشام على حرب أهل الروم.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة جاشت الروم حتى خاف أهل الشام وبعثوا إلى عثمان يستمدّونه فكتب إلى الوليد بن عقبة: أن إذا جاءك كتابي هذا فابعث رجلًا أمينًا كريمًا شجاعًا في ثمانية آلاف أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف إلى إخوانكم بالشام. فقام الوليد بن عقبة في الناس خطيبًا حينَ وصلَ إليه كتابُ عثمان فأخبرهم بما أمره به أمير المؤمنين وندب الناسَ وحثَّهم على الجهاد ومعاونة معاوية وأهل الشام، وأمَّر سلمان بن ربيعة على الناس الذين يخرجون إلى الشام فانتدب في ثلاثة أيام ثمانيةَ آلافٍ، فبعثهم إلى الشام وعلى جند المسلمين حبيبُ بن مَسْلَمَة (٤) الفهري، فلمَّا اجتمع الجيشان شَنُّوا الغاراتِ على بلاد الروم فغنموا وسَبوْا شيئًا كثيرًا وفتحوا حصونًا كثيرةً ولله الحمد.

وزعم الواقدي أنَّ الذي أمدَّ أهل الشام بسلمان بن ربيعة إنّما هو سعيد بن العاص عن كتاب عثمان فبعث سعيد بن العاص سلمان بن ربيعة بستة آلاف فارس حتى انتهى إلى حبيب بن مسلمة وقد أقبل إليه المَوْريان (٥) الرومي في ثمانين ألفًا من الروم والترك، وكان حبيب بن مسلمة شجاعًا شهمًا، فعزم على أن يبيّت جيش الروم فسمعته امرأته يقول للأمراء ذلك فقالت له: فأين موعدي (٦) معك -تعني أين أجتمع بك غدًا- فقال لها: موعدك سرادق المَوْريان أو الجنة، ثم نهض إليهم في ذلك الليل بمن معه من المسلمين، فقتل من أشرف له وسبقته امرأته إلى سرادق المَوْريان فكانت أول امرأة من العرب ضُرب عليها سرادق. وقد مات عنها حبيب بن مسلمة بعد ذلك، فخلف عليها بعده الضحّاكُ بن قيس الفهري، فهي أم ولده.


(١) زيادة من أ.
(٢) في تاريخه (٤/ ٢٤٦).
(٣) في أ: ما كانوا صولحوا عليه في أيام عمر.
(٤) في أ، ط: مسلم، وما هنا عن الطبري.
(٥) في أ: المرزبان، وما هنا عن الطبري والضبط عنه.
(٦) في أ: بوعدي.