للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذبوا إنما قصدهم الدنيا، فانهزموا وجاء الخوارج فأخذوا مال بيت المال) وكان فيه شيء كثير جدًا (١).

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر (٢) في ترجمة سهم بن خنبش أبو خنبش أو [أبو] خنيس (٣) الأزدي -وكان قد شهد الدار- ورواه محمد بن عائذ عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن يزيد الرحبي عنه، وكان قد استدعاه عمر بن عبد العزيز إلى دير سمعان فسأله عن مقتل عثمان فذكر ما ملخصه:

أنَّ وفدَ الأشقياء -وهم وفد مصر- كانوا قدموا على عثمان فأجازهم وأرضاهم فانصرفوا راجعين ثمَّ كروا إلى المدينة فوافوا عثمان قد خرج لصلاة الغداة أو الظهر فحصبوه بالحصباء والنعال والخفاف فانصرف إلى الدار ومعه أبو هريرة والزبير وابنه عبد الله وطلحة ومروان والمغيرة بن الأخنس في أناس، وأطاف وفد مصر بداره، فاستشار الناس فقال عبد الله بن الزبير: يا أمير المؤمنين؛ إني أشير بإحدى ثلاث خصال، إما أن نُحرمَ بعمرة فتحرم عليهم دماؤنا، وإما أن نركبَ معك إلى مأمننا بالشام، وإما أن نخرج فنضرب بالسيف حتى يحكم الله بيننا فإنا على الحق وهم على الباطل. فقال عثمان: أما ما ذكرت من الإحرام بعمرة ليحرموا دماءنا فإنهم يرونا حلالًا الآن وحال الإحرام وبعد الإحرام، وأما الذهاب إلى الشام، فإني أستحيي [أن آتي أهل الشام هاربًا] (٤) من بلدي خائفًا ليؤمنني أهل الشام، وأما القتال فإني أرجو أن ألقى الله وليس يهراق بسببي محجمة (٥) دم.

قال: ثم صلينا معه صلاةَ الصبح ذات يوم فلما فرغ أقبل على الناس فقال: إني رأيتُ أبا بكرٍ وعمرَ الليلةَ فقالا: صم يا عثمان إنك تفطر عندنا، وأنا أشهدكم أني قد أصبحت صائمًا، وإني أعزم على منْ كان يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يخرج من الدار سالمًا مسلومًا منه. فقلنا: يا أمير المؤمنين إن خرجنا لم نأمنهم علينا، فأذن لنا أن نكون في بيت من الدار يكون لنا فيه جماعةٌ ومنعةٌ، فأذن لهم وأمر بباب الدار ففتح ودعا بالمصحف فأكبَّ عليه وعنده امرأتاه بنت الفرافصة الكلبية وبنت شيبة؛ فكان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته فقال: دَعْها يا بن أخي، فوالله لقد كان أبوك ليتلطف بها بأدنى من هذا؛ فاستحيا فخرج فقال: قد أشعرته لكم. وأخذ عثمان ما أُسْقِطَ (٦) من لحيته فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن سودان رجل أزرق قصير مخدد (٧) عدادُه من مرادٍ، ومعه جرز (٨) من حديد فاستقبله فقال


(١) بعد هذه اللفظة سقط في ط بقدر ورقة وأخر إلى ما قبل (بعض الأحاديث الواردة في فضائل عثمان).
(٢) الخبر في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (١٠/ ٢٢٧ - ٢٢٩) بخلاف في الرواية.
(٣) في الأصول: سهم بن حنيش أو حنش أو جنيش الأزدي، والتصحيح من مختصر ابن عساكر لابن منظور.
(٤) الاستدراك عن مختصر ابن منظور.
(٥) "المحجم والمحجمة": قارورة الدم. اللسان (حجم).
(٦) في مختصر ابن عساكر: ما امتعط.
(٧) مخدد من خدد لحمه وتخدد: هزل ونقص. اللسان (خدد).
(٨) الجُرْزُ: العمود من الحديد. اللسان (جرز).