غور زغر، وكان أَمَّ تلك المَحلَّة، ولها أرضٌ ومعتملات وقرى مضافة إليها، ولها أهلٌ من أفجرِ النَّاس وأكفرِهم وأسوئهم طويَّةٌ، وأردَاهم سريرة وسيرةً، يقطعونَ السبيلَ، ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكرٍ فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون. ابتدعوا فاحشةً لم يسبقْهم إليها أحدٌ من بني آدم، وهي إتيانُ الذُّكْران من العالمين، وتركُ ما خلقَ اللّه من النِّسوان لعباده الصالحين، فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحدَه لا شريكَ له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات، والفواحش المنكرات، والأفاعيل المستقبحات، فتمادَوْا على ضلالهم وطُغيانهم، واستمرُّوا على فُجورهم وكُفْرَانهم، فأحلَّ اللّه بهم من البأس الذي لا يُردُّ ما لم يكن في خَلَدِهم وحُسْبَانهم، وجَعلَهم مُثْلةً في العالمين، وعبرةً يتعظُ بها الألِبَّاءُ من العالمين، ولهذا ذكرَ اللّه تعالى قِصَّتهم في غير ما موضع من كتابه المبين، فقال تعالى في سورة الأعراف: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ٨٠ - ٨٤].