للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحرامه، (ونحرا هديهما بعد فراغ نسكهما كما تقدم) ولما مرض رسول الله قال له العباس: سلْ رسولَ الله فيمن الأمر بعده؟ فقال: والله لا أسأله فإنه إن منعناها لا يعطيناها الناس بعده أبداً، والأحاديث الصحيحة الصريحة دالة على أن رسول الله لم يوص إليه ولا إلى غيره بالخلافة، بل لوَّح بذكرِ الصدِّيقِ؛ وأشار [إشارة] مفهمة ظاهرة جداً إليه، كما قدمنا ذلك ولله الحمد.

وأما ما يفتريه كثيرٌ من جَهَلةِ الشِّيعة والقصاص (الأغبياء)، من أنه أوصى إلى عليٍّ بالخلافة، فكذبٌ وبهتٌ وافتراءٌ عظيمٌ يلزمُ منه خطأٌ كبيرٌ، من تخوين (١) الصحابة وممالأتهم بعده على ترك إنفاذ وصيته وإيصالها إلى منْ أوصى إليه، وصرفهم إياها إلى غيره، لا لمعنى ولا لسبب، وكلُّ مؤمنٍ بالله ورسوله متحقق (٢) أن دينَ الإسلام هو الحق، يعلم بطلان هذا الافتراء، لأنّ الصحابةَ كانوا خيرَ الخلقِ بعد الأنبياء، وهم خيرُ قرون هذه الأمة، التي هي أشرفُ الأمم بنصّ القرآن؛ وإجماع السلف والخلف، في الدنيا والآخرة، (ولله الحمد).

وما قد يقصُّه بعضُ القُصّاص من العوام وغيرهم في الأسواق وغيرها من الوصية لعليّ في الآداب والأخلاق (٣) في المأكل والمشرب والملبس مثل ما يقولون: يا علي لا تعتمّ وأنت قاعد، يا علي لا تلبس سراويلك وأنت قائم، يا علي لا تمسك عضادتي الباب، ولا تجلس على أُسْكُفَّة الباب، ولا تُخيّطْ ثوبك وهو عليك، ونحو ذلك، كل ذلك من الهذيانات، فلا أصل لشيء منه (٤)، بل هو اختلاق (٥) (بعض السَّفلة الجَهلة، ولا يعوِّل على ذلك ويغتر به إلا غبي عيي).

ثم لما مات رسول الله كان عليٌّ من جملة من غسله وكفنه وولي دفنه كما تقدم ذلك (مفصلاً ولله الحمد والمنة). وسيأتي في باب فضائله ذكر تزويج رسول الله له من فاطمة بعد وقعة بدر فولد له منها حسن وحسين ومحسن (كما قدّمنا). وقد وردت أحاديثُ في ذلك لا يصحّ شيء منها بل أكثرها من وضع الروافض والقصاص.

ولما بويع الصديقُ يومَ السقيفة كان علي من جملة من بايعَ بالمسجد (كما قدّمنا). وكان بين يدي الصديق كغيره من أمراء الصحابة يرى طاعته فرضاً عليه، وأحب الأشياء إليه.

ولما توفيت فاطمة بعد ستة أشهر -وكانت قد تغضبت بعض الشيء (٦) على أبي بكر بسبب الميراث الذي فاتها من أبيها ، ولم تكن اطلعت على النص المختص بالأنبياء وأنهم لا يورثون، فلما


(١) في أ: جور الصحابة وتماليهم.
(٢) في ط: يتحقق.
(٣) في أ: بآداب وأخلاق.
(٤) في أ: فلا أصل له.
(٥) في أ: اختلاق وكذب وزور.
(٦) في أ: بعض التغضب.