للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقام زيد بن صُوحان فقال: أيها الناس سيروا إلى أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، سيروا إليه أجمعون.

فقام القعقاع بن عمرو فقال: إن الحقَّ ما قاله الأميرُ، ولكن لابدَّ للناس من أمير يردع الظالم ويُعْدِي (١) المظلومَ، وينتظم به شملُ الناس، وأمير المؤمنين عليٌّ ملي بما ولي، وقد أُنصف في الدعاء (٢)، وإنما يريدُ الإصلاح، فانفروا إليه.

وقام عبد خير (٣) فقال: الناس أربع فرق، علىٌّ بمَنْ مَعَهُ في ظاهر الكوفة، وطلحةُ والزبيرُ بالبصرة، ومعاويةُ بالشام، وفرقةٌ بالحجاز لا تقاتلُ ولا عناء بها، فقال أبو موسى: أولئك خير الفرق، وهذه فتنةٌ. ثم تراسل الناسُ في الكلام، ثم قام عمّارٌ والحسنُ بن علي في الناس على المنبر يدعوان (٤) الناسَ إلى النَّفير إلى أمير المؤمنين، فإنه إنما يريد الإصلاحَ بين الناس، وسمع عمارٌ رجلاً يسبُّ عائشة فقال: اسكت مقبوحاً منبوحاً، والله إنها لزوجة رسول الله في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله ابتلاكُمْ بها ليعلم أتطيعوه أو إياها، رواه البخاري (٥).

وقام حجر بن عدي فقال: أيها الناس، سيروا إلى أمير المؤمنين، ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: ٤١] وجعل الناس كلَّما قام رجل فحرَّض (٦) الناس على النفير يُثَبِّطُهم أبو موسى من فوق المنبر، (وعمار والحسن معه على المنبر) حتى قال له الحسن بن علي: ويحك! اعتزْلنا لا أمَّ لكَ، ودع منبرنا.

ويقال إن علياً بعث الأشتر فعزل أبا موسى عن الكوفة وأخرجه من قصر الإمارة من تلك الليلة، واستجاب الناس للنفير فخرج مع الحسن تسعة آلاف في البرّ وفي دجلة، ويقال: سار معه اثنا عشر ألف رجل ورجل واحد، وقدموا (٧) على أمير المؤمنين فتلقّاهم بذي قار إلى أثناء الطريق في جماعةٍ، منهم ابن عباس فرحَّبَ بهم وقال: يا أهل الكوفة! أنتم لقيتُم ملوكَ العجم ففَضَضْتمُ جموعَهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذاك الذي نُريده، وإن أبَوْا داويناهم بالرِّفْقِ حتى يَبْدؤونا بالظلم، ولم ندع أمراً فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى.

فاجتمعوا عنده بذي قار، وكان (من) المشهورين من رؤساء من انضاف إلى عليٍّ: القعقاع بن


(١) في تاريخ الطبري (٤/ ٤٨٤): إنه لابد من إمارة تنظم الناس وتنزع الظالم وتعز المظلوم.
(٢) في ط: بالدعاء.
(٣) هو الخَيْوانيّ صاحب علي .
(٤) في أ: يدعون.
(٥) صحيح البخاري (٣٧٧٢) في فضائل الصحابة.
(٦) في أ: يحرض.
(٧) في أ: فقدموا.