للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سعيد بن أبي عروبة (١): عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عبادة قال:

قال عليٌّ يوم الجمل: يا حسنُ ليتَ أباك مات منذ عشرين سنة، فقال له: يا أبهْ قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني إني لم [أكن] أرى أن الأمر يبلغ هذا.

وقال مبارك بن فضالة، عن الحسن بن أبي بكرة: لما اشثدَّ القتالُ يومَ الجمل، ورأى عليٌّ (الرؤوس) تُنْدر (٢) أخذ عليٌّ ابنَه الحسنَ فضمَّه إلى صدره، ثم قال: إنا لله يا حسن! أيُّ خيرٍ يُرْجَى بعد هذا؟ فلما ركبَ الجيشان وتراءى (٣) الجمعان، طلبَ عليٌّ طلحةَ والزبيرَ ليُكَلِّمَهُما، فاجتمعوا حتَّى التفَّتْ أعناقُ خيولهم، فيُقال إنه قال لهما: إني أراكما قد جمعتما خيلاً ورجالًا وعدداً، فهل أعددتما (٤) عذراً يوم القيامة كذلك؟ فاتَّقيا اللهَ ولا تكونا كالتي نَقَضَتْ غَزْلَها من بعد قوة أنكاثاً، ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دمكما، فهل من حديث أحلَّ لكما دم أخيكما (٥) فقال طلحة: [أنت] ألَّبتَ على عثمان. فقال علي: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ [النور: ٢٥]. ثم قال: لعن الله قتلة عثمان، ثم قال: يا طلحة! أجئت بِعِرْسِ رسول الله تقاتل بها، وخبأت عِرْسكَ في البيت؟ أما بايعتني؟ فقال: بايعتك والسيفُ على عنقي. وقال للزُّبير: ما أخرجكَ؟ قال: أنت، ولا أراك بهذا الأمر أولى به مني. فقال له علي: أما تذكرُ يومَ مررتُ مع رسول الله في بني غَنْم فنظر إليَّ وضحكَ وضحكت إليه، فقلت: لا يَدع (٦) ابن أبي طالب زَهوهُ، فقال لك رسول الله : "إنه ليس بمزْهُوٍّ (٧) لتقاتلنَّه وأنت ظالمٌ له؟ " فقال الزبير: اللهم نعم! ولو ذكرت [ذلك] ما سرت مَسيري هذا، ووالله لا أقاتلكَ، وفي هذا السياق كله نظر.

والمحفوظ منه الحديث، كما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي (٨) فقال: حدَّثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي (٩)، حدَّثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرَّقاشيّ، عن جده عبد الملك، عن أبي جرو المازني قال:

شهدت علياً والزبير حين تواقفا -[يعني يوم الجمل]- فقال له عليٌّ: يا زُبير! أنشدكَ الله أسمعتَ


(١) في ط: عجرة؛ خطأ. والتصحيح من أ وتقريب التهذيب (٢٣٩) وسير أعلام النبلاء (٦/ ٤١٣).
(٢) ندر: سقط. القاموس (ندر).
(٣) في أ: وترايا.
(٤) في أ: فهل اعتدتا؛ وما هنا أقرب للسياق.
(٥) في ط: دمي.
(٦) في ط: لا يدين.
(٧) في ط: بمتمرد.
(٨) مسند أبي يعلى الموصلي (٢/ ٦٦٦): وإسناده ضعيف.
(٩) في ط: الدوري، وما هنا عن سير أعلام النبلاء (٢/ ١٤١).