للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(عبد الله) بن سعد بن أبي سرح، وصلى بالناس فيها، فلما كان ابن أبي سرح ببعض الطريق جاءه الخبر بقتل (أمير المؤمنين) عثمان فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.

وبلغه أن عليًا قد بعث على إمرة مصر قيس بن سعد بن عبادة، فشمت بمحمد بن أبي حذيفة، إذ لم يمتَّع بملك الديار المصرية سنة، وسار عبد الله بن سعد (١) إلى الشام إلى معاوية فأخبره بما كان من أمره بديار مصر، وأن محمد بن أبي حذيفة قد استحوذ عليها، فسار معاوية وعمرو بن العاص [إليه] ليخرجاه منها لأنه من أكبر الأعوان على قتل عثمان، مع أنه كان قد رباه (وكفله) وأحسن إليه، فعالجا دخول مصر فلم يقدرا فلم يزالا يخدعانه حتى خرج إلى العريش في ألف رجل فتحصَّن بها، وجاء عمرو بن العاص فنصب عليه المنجنيق حتى نزل في ثلاثين من أصحابه فقتلوا، ذكره محمد بن جرير (٢)، ثم سار إلى مصر قيس بن سعد بن عبادة بولاية من علي (٣)، فدخل مصر في سبعة نفر، فرقي المنبر وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (٤).

بسم الله الرحمن الرحيم! من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فإني أحمد الله [إليكم] كثيرًا الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن الله بحسن صنيعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام دينًا لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به الرسل إلى عباده وخصَّ به من انتخب (٥) من خلقه، فكان مما أكرم الله به هذه الأمة، وخصَّهم به من الفضيلة أن بعث محمدًا يعلمهم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة (٦)، لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما يتفرقوا، وزكاهم لكي يتطهَّروا، ووفَّقهم لكيلا يجوروا. فلمّا قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه، صلوات الله وسلامه عليه وبركاته ورحمته، ثم إن المسلمين استخلفوا بعده أميرين صالحين، عَمِلا بالكتاب و [السنة] وأحسنا السيرةَ ولم يعدُوا السنَّة ثم توفاهما الله فرحمهما الله، ثم ولي بعدهما والٍ أحدث أحداثًا، فوجدت الأمة عليه مقالًا فقالوا، ثم نقموا عليه فغيّروا، ثم جاؤوني فبايعوني فاستهدي الله بهداه وأستعينه على تقواه (٧)، ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسول الله، والقيام عليكم بحقه (٨) والنصح لكم بالغيب واللهُ المستعانُ وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد بعثت إليكم قيسَ بن سعد بن عبادة فوازروه وكانفوه وأعينوه على


(١) في أ: وسار ابن أبي سرح إلى الشام.
(٢) تاريخ الطبري (٤/ ٥٤٧) وما بعدها.
(٣) في أ: فسار إلى مصر قيس بن سعد بولاية علي فدخلها في سبعة نفر.
(٤) نص الكتاب في تاريخ الطبري (٤/ ٥٤٨).
(٥) في أ: من انتخبه.
(٦) في أ: والسنن لكي يهتدوا، وجمعهم لكيلا يتفرقوا.
(٧) في ط: "التقوى"، وما أثبتناه من أ وهو أليق.
(٨) في أ: بالحق.