للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أزاحوهم عن الماء ووردوه قهرًا، ثم اصطلحوا فيما بينهم على ورود الماء (١)، لا يمنع أحد أحدًا منه، وأقام عليٌّ يومين لا يكاتب معاويةَ ولا يكاتبه معاويةُ، ثم دعا عليُّ بشير بن عمرو الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشَبَث بن ربعي السَّهمي فقال: إيتوا هذا الرجل فادعوه إلى الطاعة والجماعة واسمعوا ما يقول (لكم)، فلما دخلوا على معاوية (٢) قال له بشير بن عمرو: يا معاوية! إن الدنيا عنك زائلة، وإنك راجع إلى الآخرة، والله محاسبك بعملك، ومجازيك بما قدمت يداك، وإني أنشدك الله أن تفرق جماعة هذه الأمة، وأن (٣) تسفك (دماءها) بينها. فقال له معاوية: هلا أوصيت (٤) بذلك صاحبكم؟ فقال له: (إنَّ) صاحبي أحقُّ هذه البرية بالأمر في فضله ودينه وسابقته وقرابته، وإنه يدعوك إلى مبايعته فإنه أسلمُ لك في دنياك، وخيرٌ لك في آخرتك (٥). فقال معاوية: ويُطلُّ دمُ عثمان؟ لا والله لا أفعل ذلك أبدًا، ثم أراد سعيد بن قيس الهمداني أن يتكلم فبدره شبَث بن ربعي فتكلم قبله بكلام فيه غلظة وجفاء في حق معاوية، فزجره معاوية وزبره في افتئاته على من هو [أكبر منه و] أشرف وكلامه (٦) بما لا علم له به، ثم أمر بهم فأخرجوا من بين يديه، وصمَّم على القيام (٧) بطلب دم عثمان (الذي قتل مظلومًا)، [فلما أخبروا عليًا بما قالوا له وما رد عليهم؛] فعند ذلك نشبت الحرب بينهم، وأمر علي بالطلائع والاْمراء أن يتقدموا (٨) للحرب، وجعل عليُّ يُؤمر على كل قوم من الحرب أميرًا، فمن أمرائه على الحرب: الأشتر النخعي - وهو أكبر من كان يخرج للحرب - وحجر بن عدي، وشَبَث بن رِبْعي، وخالد بن المعمر (٩) وزياد بن النَّضْر، وزياد بن خَصَفة (١٠)، وسعيد بن قيس (١١)، ومعقل بن قيس، وقيس بن سعد، وكذلك كان معاوية يبعث على الحرب كل يوم أميرًا (١٢)، فمن أمرائه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وأبو الأعور السلمي، وحبيب بن مسلم، وذو الكلاع الحميري، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، وشرحبيل بن السمط، وحمزة بن مالك الهمداني، وربما اقتتل الناس في اليوم مرتين، وذلك في شهر ذي الحجة بكماله.


(١) في والرجال فأزاحوهم عن الماء ووردوه قهرًا، ثم اصطلحوا على وروده وألا يمنع أحد أحدًا منه.
(٢) في أ: عليه.
(٣) في أ: وأن لا.
(٤) في أ: وصيت بذلك صاحبك.
(٥) في أ: أخراك.
(٦) في أ: وأشرف وفي كلامه.
(٧) في أ: على القتال.
(٨) في أ: تتقدم.
(٩) في ط: المعتمر؛ تحريف. والتصحيح عن أ والطبري (٤/ ٥٧٤) ومصادر ترجمته.
(١٠) في أ ط: حفصة؛ وما هنا عن الطبري ومصادر ترجمته.
(١١) في ط: أيس، تحريف.
(١٢) ط: أ وكذلك فعل معاوية كان كل يوم يبعث على الحرب أمير.