للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في الحجر بعد قصة قوم لوط أيضًا: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٨، ٧٩].

وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٧٦ - ١٩١].

كان أهل مدين قومًا عَربًا، يَسكنونَ مدينتَهم "مدينَ" التي هي قرية من أرض معان من أطراف الشام، مما يلي ناحية الحجاز، قريبًا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدَهم بمدَّة قريبة، ومدين قبيلة عرفت بهم المدينة، وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل، وشعيبُ نبيُّهم هو ابن ميكيل بن يشجن، ذكره ابن إسحاق، قال: ويقال له بالسريانية: "ينزون" وفي هذا نظر، ويُقال: شعيب بن يشخر بن لاوي بن يعقوب، ويقال: شعيب بن نويب بن عنقاء بن مدين بن إبراهيم. ويقال: شعيب بن ضيفور بن عيتا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم. وقيل: غير ذلك في نسبه.

قال ابن عساكر (١): ويُقال جدَّتُه، ويُقال: أمه بنت لوط.

وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجرَ معه، ودخلَ معه دمشقَ.

وعن وهْب بن مُنبه أنه قال: كان شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أُحرقَ بالنار، وهاجرا معه إلى الشام فزوَّجهما بنتيْ لوط . ذكره ابن قتيبة (٢).

وفي هذا كله نظر أيضًا واللّه أعلم.

وذكر أبو عمر بن عبد البر في "الاستيعاب" (٣) في ترجمة سلمةَ بن سعد العَنزي، قدمَ على رسول اللّه فأسلمَ وانتسبَ إلى عنزةَ، فقال: "نعم الحيُّ عنزةَ، مبغيٌّ عليهم، منصورون، رهطُ شعيب وأختان (٤) موسى" فلو صحَّ هذا لدلَّ على أنَّ شُعيبًا صهر موسى، وأنه من قبيلة من العرب العاربة يُقال


(١) في تاريخه، كما في المختصر (١٠/ ٣٠٧).
(٢) انظر كتاب "المعارف"، لابن قتيبة (ص ٤١).
(٣) "الاستيعاب" (٢/ ٩١).
(٤) الذي في الاستيعاب: وأحبار موسى.