للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان الغد خرج يمشي إليها حتى نزلها فلم يخرج إليه أحد من الجيش، فلما كان العشي بعث إلى أشراف الناس فدخلوا (١) عليه وهو حزين كئيب فقام فيهم خطيبًا فقال: الحمد له على ما قضى من أمر وقدر من فعل وابتلاني (٢) بكم وبمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت، أو ليس عجبًا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام (٣) فيتبعونه بغير عطاء ولا معونة، ويجيبونه في السنة مرتين والثلاث إلى أي وجه شاء؟ وأنا أدعوكم - وأنتم أولو النُّهَى وبقية الناس - على المعونة و (طائفة منكم على) العطاء فتفرقون عني وتعصونني وتختلفون علي؟ فقام إليه مالك بن كعب الأرحبي (٤) فندب الناس إلى امتثال أمر علي والسمع والطاعة له فانتدب ألفان فأمر عليهم مالك بن كعب هذا فسار بهم خمسًا، ثم قدم على على جماعة ممن كان مع محمد بن أبي بكر بمصر فأخبروه [كيف وقع الأمر وكيف قتل محمد بن أبي بكر وكيف استقر أمر عمرو بها] (٥)، فبعث إلى مالك (بن كعب) فردَّه (من الطريق) وذلك أنه خشي عليهم من أهل الشام قبل وصولهم إلى مصر واستقرّ أمر العراقيين على مخالفة علي فيما يأمرهم به وينهاهم (٦) (عنه) والخروج عليه والبعد عن أحكامه وأقواله وأفعاله، لجهلهم (٧) وقلة عقلهم وجفائهم وغلظتهم وفجور كثير منهم (٨)، فكتب علي عند ذلك إلى ابن عباس - وهو نائبه على البصرة - يشكو إليه ما يلقاه من الناس من المخالفة (والمعاندة)، فردّ عليه ابنُ عباس يسليه في ذلك، ويعزيه في محمد بن أبي بكر ويحثه على ملاطفة (٩) الناس والصبر على مسيئهم، فإن ثواب الله خير من الدنيا، ثم ركب ابن عباس من البصرة إلى علي وهو بالكوفة واستخلف (ابن عباس) على البصرة زيادًا.

وفي هذا الحين (١٠) بعث معاوية بن أبي سفيان كتابًا مع عبد الله بن عمرو الحضرمي إلى (أهل) البصرة يدعوهم إلى الإقرار بما حكم له عمرو بن العاص، فلما قدمها نزل على بني تميم فأجاروه فنهض إليه زياد وبعث إليه أعين (١١) بن ضبيعة في جماعة (من الناس) فساروا إليهم فاقتتلوا فقتل أعين بن ضبيعة، فكتب زياد إلى علي يعلمه بما وقع بالبصرة [من المخالفة] بعد خروج ابن عباس منها، فبعث


(١) في أ: يخرج إليه منهم أحد فلما كان العشي بعث إلى أشرافهم فدخلوا.
(٢) في أ: من فعل هو الذي ابتلاني.
(٣) الطغام - كسحاب - أوغاد الناس. القاموس (طغم).
(٤) في أ: على المعونة والعطاء فتتفرقون وتنفرون عني وتعصوني، فقام مالك بن كعب الهمداني ثم الأرحبي.
(٥) مكان ما بين الحاصرتين في أ: فأخبروه الخبر.
(٦) بعدها في أ: لا يطيعون له أمرًا ولا يسمعون له قولًا ولا يجيبون له دعوة بل كلما لهم في نأي عنه وبعد عنه.
(٧) في أ: والخروج عليه وانتقاد أحكامه ورد أقواله وحل إبرامه لجهلهم وقلة عقلهم وحيائهم وغلظتهم.
(٨) بعدها في أ: عدة أسطر زيدت هنا وقد تقدم شيء منها.
(٩) في ط: تلافي.
(١٠) في أ: العام.
(١١) في أ: وبعثه علي بن أبي طالب أعين.