للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تجزعْ وإن (١) أعسرتَ يومًا … فقدْ أيسرتَ في الزمن (٢) الطويلِ

ولا تظنن بربكَ ظنَّ سوءً (٣) … فإنَّ الله أولى بالجميلِ

فإنّ (٤) العسر يتبعُه يسارٌ … وقولُ اللهِ أصدقُ كل قيلِ

فلو أنَّ العقول تجر رزقًا … لكانَ الرزقُ عند ذوي العقولِ

فكمْ من مؤمنٍ قد جاعَ يومًا … سَيُروى (٥) من رحيقِ السلسبيل

من هوان الدنيا على الله أنه سبحانه يجيع المؤمن مع نفاسته، ويشبع الكلب مع خساسته، والكافر يأكل ويشرب، ويلبس ويتمتع، والمؤمن يجوع ويعرى، وذلك لحكمة اقتضتها حكمة أحكم الحاكمين.

ومما أنشده علي بن جعفر الورَّاق لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (٦): [من الكامل]

أجدُ الثيابَ إذا اكتسيتُ فإنها … زينُ الرجالِ بها تُعزُّ وتكرمُ

وِدعِ التواضعَ في الثيابِ تخشعًا … فالله يعلمُ ما تجنُّ وتكتم

فرَثاثُ ثوبكَ لا يزيدك زلفةً … عندَ الإلهِ وأنتَ عبدٌ مجرمُ

وبهاءُ ثوبكَ لا يضركَ بعد أنْ … تخشى الإلَه وتتقي ما يحرمُ

وهذا كما جاء في الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ثيابكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (٧) وقال الثوري: ليس الزهد في الدنيا بلبس العبا ولا بأكل الخشن، إنما الزهد في الدنيا فصر الأمل.

وقال أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المبرد: كان مكتوبًا على سيف علي (٨) : [من البسيط]

للناسِ حرصٌ على الدنيا وتدبيرُ … وفي مرادِ الهوى عقلٌ وتشميرُ

وإنْ أتوا طاعةً للهِ ربهمُ … فالعقلُ منهمْ عنِ الطاعاتِ ماسورُ

لأجلِ هذا وذاك الحرصِ قد مزجت … صفاءُ عيشاتها همٌ وتكديرُ


(١) في ط: فإن عن أ ويوافق ما في ديوانه.
(٢) في ط: في الدهر؛ وما هنا عن أ ويوافق ما في الديوان.
(٣) في الديوان: غير خير.
(٤) في الديوان: وإن.
(٥) في أ: جاع دهرًا سيسقى ..
(٦) الأبيات في ديوانه - ط دار الكتب العلمية - (١٨٩).
(٧) الحديث يرويه أبو هريرة وأخرجه أحمد في مسنده (٢/ ٥٣٩) ومسلم في صحيحه (٢٥٣٤) (٣٤) في البر والصلة. وغيرهما.
(٨) الأبيات في تاريخ دمشق - ترجمة علي - (٣/ ٣٠٣).